"الشرق الأوسط" تونس: المنجي السعيداني بينما ينتظر التونسيون المصادقة على القانون المنظم للسلط العمومية والنظام الداخلي للمجلس التأسيسي، انتقد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ظاهرة التكاثر «غير المعقول» للاعتصامات والاحتجاجات، وقال إنها «موجهة ضد حركة النهضة». وقال على الموقع الإلكتروني للحركة إنه «من غير المعقول أن يرفع المتظاهرون شعارات من قبيل (لا للدولة الدينية) و(لا لدولة الخلافة) في حين أن أيا من أحزاب الائتلاف الثلاثي قد دعا إلى مثل هذه النوعية من الحكم». واعتبر أن معارضة حكومة لم تتشكل بعد يعد شيئا عجيبا، على حد تعبيره، ودعا إلى إعطاء الفرصة للأحزاب التي انتخبها التونسيون، وأن تكون المحاسبة بعد تشكيل الحكومة الجديدة. الغنوشي دعا كذلك إلى ضرورة تجاوز ظاهرة الانقسام السياسي والاجتماعي التي يعرفها المجتمع التونسي، ورفض، من خلال البيان الذي نشرته الصفحة الرسمية لحركة النهضة، وصف المعتصمين في باردو ب«حثالة التيار الفرانكفوني»، أو جماعة «صفر فاصل»، في إشارة إلى الأحزاب الخاسرة في انتخابات المجلس التأسيسي والحاصلة على نسب يعبر عنها ب«الصفر فاصل». ونبه الغنوشي إلى أنه من غير الممكن المزايدة على حركة النهضة في مجال الحريات الفردية والجماعية، وذكر بدعوة حركة النهضة إلى إدراج مجلة الأحوال الشخصية (المجلة التي تكرس حرية المرأة التونسية) ضمن القوانين الأساسية، وليست القوانين العادية. في ذات السياق، هاجم محمد عبو، القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ما سماها «أطرافا سياسية تتهرب من إرساء (العدالة الانتقالية) وتسعى إلى تدمير البلاد والإضرار بالاقتصاد الوطني من أجل إضعاف حركة النهضة». عبو قال في تصريح ل«الشرق الأوسط» إن مهاجمة الائتلاف الثلاثي بضراوة «طريقة خاطئة وراءها من فشلوا في انتخابات المجلس التأسيسي»، وما على تلك الأطراف إلا الكف عن بث الفوضى العارمة في إطار عقلية التآمر التي تريد الإطاحة بحكم حركة النهضة، ولكن ذلك لا يمكن أن يكون على حساب المصلحة العامة للبلاد. وبشان انتخاب رئيس لتونس وتشكيل الحكومة الجديدة، قال عبو: «لا يمكن الانتظار أكثر مما انتظرنا، ومن المتوقع أن يكون لتونس رئيس بداية الأسبوع المقبل، على أن تعرف نهاية نفس الأسبوع تشكيل الحكومة». عبو أضاف أن المصادقة على شروط الترشح للرئاسة وعلى قانون تنظيم السلط العمومية سيفتحان الباب أمام انتخاب الرئيس، الذي سيكلف حمادي الجبالي بتكوين الحكومة الجديدة. ولم تتمكن الأغلبية التي ستقود تونس خلال المرحلة المقبلة من إقناع الأقلية المعارضة بسلامة اختياراتها على مستوى تنظيم السلط العمومية وعمل المجلس التأسيسي. ولا تزال الاجتماعات متواصلة دون انقطاع منذ يوم الثلاثاء 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على أمل التوصل إلى نور في آخر النفق. وتثير مثل هذه الإطالة التي يرى الائتلاف الثلاثي أنها «بفعل فاعل»، حفيظة الشارع التونسي، مما رفع في عدد الاعتصامات والاحتجاجات على غرار قطع الطريق في منزل بورقيبة التابع لمحافظة بنزرت، وغلق الحدود بين تونس والجزائر على مستوى ساقية سيدي يوسف (الشمال الغربي التونسي)، إلى جانب مجموعة المعتصمين منذ قرابة العشرة أيام أمام مقر المجلس التأسيسي. ولا تزال الأحزاب السياسية من الأقلية المعارضة وكذلك الأغلبية الفائزة في الانتخابات تتبادل الاتهامات بتعطيل الحياة السياسية وإرباكها دون طائل، من خلال البث المباشر لجلسات المجلس التأسيسي. وأحصت حركة النهضة التي تقود الائتلاف الثلاثي 28 «خطأ في حقها» من قبل أحمد نجيب الشابي، زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي، من خلال تدخلاته في المجلس التأسيسي، وكان أشدها تشبيه النهضة بحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (حزب بن علي).