الرباط "مغارب كم":محمد بوخزار توفي صباح اليوم الجمعة، شمعون ليفي، الكاتب العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، بأحد مستشفيات الرباط، بعد صراع طويل مع المرض، وذلك عن عمر يناهز 77 سنة، حسبما علم لدى أقاربه. وبغيابه يفقد المشهد السياسي والثقفي المغربي أحد أبرز اليهود المغاربة الذين ارتبطوا بالوطن ولم يغيروا ولاءهم له سواء أثناء فترة الاستعمار الفرنسي حيث رفض "ليفي" الحصول على الجنسية الفرنسية كبديل عن المغربية، مضحيا بكثير من الامتيازات التي كان يخلوها له الانتماء إلى فرنسا، قلبا وقالبا. وناضل ليفي طويلا في صفوف الحزب الشيوعي المغربي (التقدم والاشتراكية) حاليا، لكن خلافا فكريا دب بينه وبين قيادة الحزب ما جعله يبتعد عن الصفوف الأولى في الحزب لكنه لم يعلن تنصله أو تنكره لرفاقه القدامى الذين قاسمهم ظروف الشدة أثناء النضال السري والعلني، مخصصا كل وقته للعناية والإشراف على المتحف اليهودي بالدار البيضاء الذي أراده أن يعكس الإسهام الحضاري لليهود المغاربة على مر التاريخ ولم يكن "ليفي" يتفاخر بهويته اليهودية بل يعتبرها مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية بل متداخلة معها، وهو يشبه في هذا الانتماء الشجاع الكاتب اليهودي الراحل أدمون عمران المليح، الذي ناضل في مرحلة في نفس الحزب الذي انتمى إليه "ليفي". وعرف الراحل بشجاعته في المواقف السياسية بما في ذلك موقفه من القضية الفلسطينية، إذ كان من المدافعين عن عدالة كفاح الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته إلى جانب الدولة اليهودية. وإلى جانب انشغالاته السياسية، درس ليفي في كلية الآداب بالرباط في شعبة اللغة الإسبانية التي كان يتقنها، إضافة إلى لغات أجنبية أخرى بل كانت له اجتهادات في الحفريات اللغوية. وعلى المستوى الشخصي، كان ليفي إنسانا متواضعا وتلقائيا بل متحمسا في أحاديثه إلى الناس، لا يشعر بأية دونية أو تحفظ من عقيدته اليهودية، ولذلك أحبته الطبقة السياسية التقدمية وقدرت فيه تلك الخصال النادرة. ومن المؤكد أن الراحل، سر لما رأى الدستور الجديد للمملكة المغربية، ينص على اعتبار المكون اليهودي جزءا من النسيج الحضاري للمغاربة والمشترك بين مراحل تاريخهم حيث عاش اليهود إل ى جانب المغاربة في البوادي والحواضر في تساكن وتعايش تام إلى أن تمكنت الصهيونية العالمية من إقامة دولة إسرائيل التي عملت بكل الوسائل على إغراء الطوائف اليهودية في الوطن العربي، لكي يعمروا الأرض التي انتزعوها بالقوة والعنف من الفلسطينيين . وبطبيعة الحال غادر المغرب الآلاف منهم، لكن أمثال "ليفي" ظلوا بين مواطنيهم المغاربة.