يتيح فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المغربية لهذا الحزب الإسلامي الفرصة لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية لكنه لن يستطيع إحداث التغيير دون دعم من النظام الملكي الذي ما زال يسيطر على السلطة بالكامل. وعين الملك محمد السادس أمس الثلاثاء عبد الاله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيسا للوزراء بعد فوز الحزب بسبعة وعشرين في «المائة من مقاعد البرلمان وهي اكبر حصة. وجاء أداء الحزب القوي، بعد أن ظل في المعارضة لسنوات، على صهوة مجموعة من الوعود التي قدمها بتعزيز الديمقراطية والحد من الفساد والتعامل مع مشكلة الفجوة بين الطبقات من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور علاوة على إجراءات أخرى. ويقول محللون ان المملكة تأمل أن يؤدي تعيين وجوه جديدة في مناصب حكومية رفيعة وظهور بعض ملامح التغيير الى تخفيف الضغط من اجل تحول أكثر ثورية يستلهم الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي. لكن هذا لا يعني ان هذا الحزب الإسلامي المعتدل سيواجه مهمة سهلة حين يحتاج الى تحويل الأقوال الى أفعال من خلال تشريعات فعلية. وقال الحسن عاشي الباحث في مركز "كارنيجي "للشرق الاوسط «حزب العدالة والتنمية اكتسب معظم جاذبيته من أنه لم يختبر من قبل. غير أن هناك تحديا يتمثل فيما اذا كانت حكومته الجديدة ستتمتع بكافة الصلاحيات ولن تنتظر التعليمات من القصر». وكان الحزب قد ذكر أنه يريد تشكيل ائتلاف مع (الكتلة) التي تضم ثلاثة أحزاب "علمانية "كونت عصب الحكومة المنتهية ولايتها. ويلقى حزب العدالة والتنمية قبولا في المغرب بين مجموعة كبيرة من الناخبين المحافظين ويعرف عن نوابه أنهم الأنشط في برلمان يتسم بنسب غياب عالية. ويتمسك الحزب بمبدأ إحداث التغيير من داخل مؤسسات الدولة لهذا تجاهل المحتجين الذين طالبوا بتقليص صلاحيات الملك المباشرة والقضاء على الفساد. ويعترف حزب العدالة والتنمية بإمارة المؤمنين واستحقاق الملك للقب أمير المؤمنين وهو ما يعرف لدى عامة المغاربة بولاية الله في أرضه وهو الوضع الذي يسمح للملك بالتمتع بصلاحيات كاسحة في الجيش والشؤون الأمنية والدينية. ومن شأن التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها في استفتاء جرى في يوليو أن تؤدي الى تنازل الملك عن بعض الصلاحيات للمسؤولين المنتخبين مع الاحتفاظ بالكلمة الفاصلة في القرارات الإستراتيجية. وقال مصطفى الخلفي وهو من كبار منظري حزب العدالة والتنمية ان الإصلاحات ستحدث فرقا لكن توازن القوى بين النظام الملكي والحكومة ليس مثاليا بعد. وأضاف أن الإصلاحات توفر للحكومة ظروف عمل أفضل مما سبق وقال انها ستحاسب الان عن مسؤوليات محددة. وتابع قائلا ان تفاصيل القوانين التي سيصوغها البرلمان لتطبيق الدستور الجديد ستقابل الكثير من الصعوبات. وقال ان التحدي الرئيسي يكمن في ضمان ان تسود الإدارة الديمقراطية للشؤون العامة على الأسلوب الشمولي مشيرا الى أنه يتوقع مناورات تسعى الى تعطيل هذه العملية وذلك في اشارة الى تحركات محتملة من جانب أحزاب المعارضة المدعومة من القصر. وقالت، ليز ستورم، المحاضرة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط بجامعة "اكستر" في بريطانيا ان حزب العدالة والتنمية لن يستطيع أن يفعل الكثير ليتحدى الملكية بشكل مباشر. وأضافت «حزب العدالة والتنمية لن يستطيع أن يحدث أي تغيير. لم يفعل فيما مضى. هناك أيضا أحزاب معه في الائتلاف لا ترغب في أي تغيير. سيحاول حزب العدالة والتنمية الحصول على أقصى ما يمكنه دون إثارة جدل. «زعماء حزب العدالة والتنمية اكثر خبرة واحترافية من بقية الأحزاب. لكن الاوضاع لن تتغير كثيرا. ستكون شراكة. سيضطر الى العمل مع الملكية وشركائه في الائتلاف». ربما تفادى المغرب الاضطرابات التي تجتاح العالم العربي في الوقت الحالي. لكن محللين يقولون ان بذور الاضطراب موجودة. وتبلغ نسبة البطالة بين الشبان 31 في «المائة ويعيش نحو ربع السكان البالغ عددهم 33 مليونا في فقر مدقع حتى الحصول على المرافق الاساسية غير متكافئ. كل هذه المشكلات قد تصل بالمملكة الى درجة الغليان اذا لم ينجح حزب العدالة والتنمية في تمرير الإصلاحات التي وعد بها دون الاصطدام بالبرلمان والملكية. وقال عاشي من مركز "كارنيجي" «التحديات كبيرة جدا بحيث سيكون حزب العدالة والتنمية أكثر عرضة للخطر من ذي قبل لانه يقود الحكومة الان». وأضاف «الناس متشوقون لرؤية النتائج. سيمهلون الحكومة الجديدة ما بين ثلاثة وأربعة اشهر على الأرجح».