يسعى العاهل المغربي الملك محمد السادس الى اجراء انتخابات مبكرة للاسراع من الاصلاحات التي بدأها لكن ليس من المرجح أن يؤدي هذا وحده الى ارضاء المنتقدين دون خطوات جادة للحد من الفساد واعطاء البرلمان المقبل سلطات حقيقية. وتأمل بعض الشركات أن تساعد الانتخابات المبكرة على انهاء الشلل الحادث في الحكومة الائتلافية لكن كثيرين يقولون ان الوضع الراهن -الذي تضمن مواجهة الحكومة للاستياء العام برفع الاجور مما أدى الى زيادة العجز في الميزانية- لا يمكن ان يستمر. سارع الملك محمد السادس في مارس باحتواء أي امتداد لانتفاضات الربيع العربي بعد أن انتقلت الاحتجاجات الى المغرب ووعد باجراء تعديلات دستورية للحد من سلطات الملك. وحصل الدستور الجديد على تأييد شبه جماعي في استفتاء أجري في يوليور، وقال منتقدون ان العملية كانت سريعة بدرجة لم تتح مناقشة كافية. وفي مطلع الاسبوع دعا الملك الذي يمثل رأس أقدم أسرة حاكمة في العالم العربي الى انتخابات برلمانية مبكرة بنحو عام تقريبا في أكتوبر للابقاء على زخم التغيير. وأدت هذه التغييرات الى الحد من ثقله السياسي الكاسح، لكنه يظل بموجبها في محور كل قرار استراتيجي. ولم تنزع هذه المبادرة فتيل احتجاجات سلمية غير مسبوقة قادتها حركة 20 فبراير الشبابية لاقامة نظام ملكي دستوري مع اعتبار الملك شخصية شرفية. ويقول محللون ان هناك حاجة لمزيد من الوقت حتى تسفر انتخابات تمثل الشعب تمثيلا حقيقيا عن وجود أعضاء في البرلمان لهم مصداقية وفاعلية. وقال أحمد البوز وهو محاضر في العلوم السياسية بجامعة الملك محمد الخامس بالرباط «//الامر يرتهن بالوصول الى مجلس نواب وحكومة منتخبة باستطاعتهما خلق قطيعة مع الطريقة التي كانت تمارس بها السياسة في الماضي.» وأضاف أن الانتخابات المبكرة لا يمكن أن ترضي المحتجين الا اذا أبدت السلطات «عزيمة أكثر جدية في التعامل مع الفساد وبمنع الاشخاص المشتبه فيهم بالرشوى من الترشح في الانتخابات.» وقالت الصحيفة التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «الانتخابات ستجرى في سياق مطبوع بالعديد من الميزات لعل أهمها أنها ستجرى في مرحلة تجعلها هي التعبير المادي والعملي عن المعنى الذي ستعطيه للدستور.» وأضافت الصحيفة في مقال افتتاحي أن الامر «قد يتحول الى موعد مع التاريخ كما قد يصبح مجرد نسخة مزيدة أو منقحة للاختلالات السابقة.» والتقت وزارة الداخلية التي ينظر لها على نطاق واسع على أنها تابعة للملك بعشرات الاحزاب السياسية للتوصل الى توافق لاجراء الانتخابات البرلمانية في السابع من أكتوبر المقبل بدلا من سبتمبر عام2012 . وقال متحدث باسم الحكومة «نحن نشتغل على مدار الساعة لاخراج قوانين جديدة من أجل جعل هذه الانتخابات انتخابات تجعل من المغرب نموذجا للديمقراطية في العالم العربي.» وقاد حزبان سياسيان رئيسيان الشكاوى من ان الدستور سيكون له أثر محدود دون قانون انتخابي يمنع حدوث التلاعب. وقالت ليز ستورم وهي محاضرة في شؤون الشرق الاوسط بجامعة اكستر البريطانية ان الانتخابات المبكرة ربما تهدف الى «جعل الملك محمد السادس يبدو في صورة طيبة أمام المجتمع الدولي» من خلال التلميح بأنه نفذ مطلب حركة 20 فبراير بحل البرلمان. وأضافت أن أبناء المغرب «غير راضين.. والكثير منهم يود أن يرى تحولا في البرلمان لكن هذا بالطبع غير مكفول بأي حال في الانتخابات التشريعية المغربية.» وتجرى الانتخابات البرلمانية في المغرب منذ نحو50 عاما فيما ينظر له على نطاق واسع على أنه عملية تجميلية من حليف وثيق للغرب.. وكثيرا ما تتهم الصحافة الاحزاب بتأييد مرشحين للحصول على المال وكثيرا ما تشوب الانتخابات مزاعم عن شراء الاصوات. وأدى هذا الى تعزيز اعتقاد بأن الاحزاب جزء من تمثيلية سياسية. وسجلت نسبة الاقبال على الانتخابات البرلمانية عام2007 أدنى مستوى اذ بلغت37 في المئة. وقال لحسن الداودي وهو نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل ان محاولة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة لا تعني بالضرورة أن التغيير الحقيقي سيحدث قريبا. وقال «نحن لا نريد أن تفرض علينا انتخابات مبكرة تجبرنا على قبول قوانين لن تغير الشيء الكثير... لا يمكننا الاستمرار في استغفال المغاربة.. هم يريدون انتخابات شفافة.» وأضاف الداودي أن وزارة الداخلية تحتاج وقتا لما بعد السابع من أكتوبر لإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لمنع اعطاء حزب معين أغلبية الاصوات وادخال قوانين لمنع شراء الاصوات واعادة اعداد قوائم الناخبين. وقال عمر الراضي، وهو نشط من حركة 20 فبراير، ان الانتخابات المبكرة «من شأنها أن تحافظ على الحرس القديم من النواب في البرلمان.» ويعارض أيضا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية - وهو عضو في الائتلاف الحاكم - الانتخابات المبكرة. كما ان العديد من الاحزاب يساورها القلق ازاء دور حزب الاصالة والمعاصرة.. هذا الحزب أسسه أحد أصدقاء الملك وصعد نجمه في أقل من ثلاث سنوات وأعلن أن من أهدافه مكافحة الاسلاميين وانعاش الحياة السياسية وأصبح أكبر حزب معارض في المغرب. ولم تشعل الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في المغرب انتفاضات كما حدث في اليمن أو تونس ومن أسباب ذلك أن الدولة أبقت النقابات العمالية الى جانبها بموافقتها على رفع الاجور على نحو يكلفها عدة مليارات من الدولارات ومن خلال زيادة دعم المواد الغذائية والطاقة. وأجبر هذا الدولة على اللجوء الى بيع أصول لسد العجز المتزايد في الميزانية. وقالت صحيفة ليكونوميست اليومية الاقتصادية ان الانتخابات المبكرة لازمة «للبقاء الاقتصادي والاجتماعي». وأضافت الصحيفة «لقد تم حل الحكومة ولا يمكن ضمان ادارة حتى الشؤون اليومية.. يشكو الجميع كل يوم من أن الاقتصاد ينحدر ببطء الى حالة شلل.» لكن محند لعنصر وهو وزير دولة ورئيس حزب الحركة الشعبية أبدى شكه في أن تجلب الانتخابات تغييرا كبيرا وقال «لا يمكنك تغيير المرشحين وعقلية الناخب في ظرف سنة واحدة. انها عملية تتطلب وقتا.. ربما سنوات.»