سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سرت تصمت حدادا على القذافي.. «الذي فضل الموت على المثول أمام الجنائية» مقربون للعقيد قالوا إن نجليه كانا يريدانه أن يبقى.. بينما حاول السنوسي إقناعهما بالرحيل
بينما احتفلت مختلف أرجاء ليبيا أمس بحلول عيد الأضحى، كانت مدينة سرت، مسقط رأس العقيد الليبي السابق وآخر معاقله، تشهد أجواء مختلفة.. حيث خيم الهدوء على المدينة تماما، وكأنها مدينة للأشباح. ورغم أن بعض السكان المحليين يقولون إن ذلك يرجع إلى هروب معظم الأسر إلى خارج المدينة خلال الأيام الأخيرة للمعارك بين قوات القذافي والثوار، إضافة إلى ما شهدته معظم أرجاء المدينة من تدمير، فإن كثيرا من المحللين يقولون إن هناك أسبابا أبعد من ذلك، موضحين أن كثيرا من قاطني المدينة يستنكفون مشاركة الليبيين الاحتفال بالعيد، بعد مقتل القذافي «غدرا» ورفض المجلس الوطني تسليم جثمانه إلى عائلته، ودفنه سرا ب«طريقة غير لائقة»، من وجهة نظر أهل سرت. ويقول بعض من أهل المدينة - سرا وجهرا - إن القذافي رفض أن يترك ليبيا ويهرب، وظل يقاتل حتى النهاية، وهو الأمر الذي يجب احترامه على الأقل بتخفيف مظاهر الاحتفال إلى الحد الأدنى، حدادا على الرجل. وهو حديث يتماشى مع ما أكده منصور ضو، القائد السابق لجهاز الأمن الداخلي المسجون في مصراتة (215 كلم إلى شرق طرابلس)، الذي كان من أقرب المقربين من معمر القذافي. حيث قال من سجنه الأسبوع الماضي إن «القائد» كان في الأسابيع الأخيرة في سرت، حيث بقي حتى مقتله في 20 أكتوبر (تشرين الأول) «محبطا وقلقا»، يفضل «الموت في ليبيا» على المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية. وفي 27 يونيو (حزيران)، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق معمر القذافي ونجله سيف الإسلام والمدير السابق للمخابرات العسكرية الليبية، عبد الله السنوسي، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقال ضو: «إن مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية جعلتهم يقررون (القذافي وأولاده) البقاء في ليبيا». وأضاف أن القذافي قال: «أفضل الموت في ليبيا على المحاكمة من قبل (مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو) أوكامبو». وتابع أن سيف الإسلام ونجله الآخر المعتصم «كانا يريدان من القذافي أن يبقى، وخصوصا سيف الإسلام.. بينما مارس السنوسي ضغوطا عليهما ليرحلا»، ولكن من دون جدوى. في 19 أغسطس (آب)، وصلت قوات المجلس الوطني الانتقالي إلى أبواب طرابلس، مما اضطر معمر القذافي للهرب إلى سرت، مسقط رأسه، حيث يتمتع بشعبية. وقد دخل الثوار في 23 من الشهر نفسه إلى مقره في باب العزيزية. وقال ضو أيضا: «إن القذافي كان يعلم أن الأمر انتهى منذ أن طردت قواته من مصراتة»، أحد معاقل الثوار، في 25 أبريل (نيسان) وأصبح منذ ذلك الوقت «أكثر عصبية». وأضاف أن القذافي «كان أيضا تحت الضغط لأن أصدقاءه تخلوا عنه من (رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو) برلسكوني، إلى (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي، و(رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان، وتوني بلير (رئيس الوزراء البريطاني السابق)». وأضاف أن «هذا الأمر ولد لديه شعورا كبيرا بالإحباط، لأنه كان يعتبرهم أصدقاء مقربين». وأوضح ضو أن القذافي أقام أولا في فندق في سرت، لكن مع وصول قوات المجلس الوطني الانتقالي إلى ضواحي المدينة في منتصف سبتمبر (أيلول)، اضطر إلى تغيير مقر إقامته بشكل شبه يومي لأسباب أمنية. وبدأت المؤن تتراجع والقذائف تتساقط والمعارك تتكثف وتدمر المدينة، وقطع التيار الكهربائي ومياه الشرب، وأصبحت المواد الغذائية نادرة. وقال ضو الذي كان مسؤولا عن أمن القذافي، إنه أصبح رجلا «محبطا وقلقا جدا». وأضاف أن «رؤيته في هذه الحالة لم تكن أمرا اعتياديا». وتابع منصور ضو أن المعتصم، الذي قتل، كان يدير المعركة في سرت، بينما لم يأت سيف الإسلام إطلاقا إلى المدينة. وأوضح أن سيف الإسلام «بقي منذ 27 أغسطس في بني وليد»، المدينة الأخرى التي تعد من معاقل القذافي وسقطت قبل مدينة سرت، وقال: «لم أره منذ ذلك الوقت». وأكد ضو أن المقاتلين المحترفين كانوا يسقطون الواحد تلو الآخر تحت وابل نيران الموالين للمجلس الوطني الانتقالي، مع أن متطوعين من سرت غير مدربين كانوا يأتون لمساندتهم. وقال: «إن القذافي كان يقرأ كتبا ويسجل الكثير من الملاحظات ويخلد إلى القيلولة. المعتصم هو الذي كان يقود المقاتلين. القذافي لم يقاتل أبدا. كان رجلا مسنا». وفي 19 أكتوبر، أصبح الوضع ميؤوسا منه، فالحي رقم 2 في سرت، آخر ملجأ للقذافي، طوقه وقصفه مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي وحلف الأطلسي. وقرر القذافي عندئذ الانتقال إلى الجنوب، إلى وادي الجرف بالقرب من مسقط رأس القذافي، وقال منصور ضو إن هذا القرار «كان خطأ فادحا». وأضاف: «كانت فكرة المعتصم. كانت هناك 45 آلية وبين 160 و180 رجلا بعضهم جرحى. كان من المقرر أن يبدأ الرحيل عند الساعة 3:30 من صباح 20 أكتوبر، لكن تأخر 3 ساعات أو 4، لأن متطوعي المعتصم لم يكونوا منظمين». وتابع أن القافلة تحركت، انطلقت بعد الفجر، وتمكن حلف الأطلسي من رصدها والإغارة عليها. ثم جاء مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي ليستكملوا العملية بقتل الأحياء أو أسرهم. وقد أصيب القذافي بجروح وعثر عليه مختبئا في أنبوب للصرف الصحي، تحت الطريق الذي تم اعتراض موكبه الأخير فيه. وقد أسره مقاتلو مصراتة الذين سعوا إلى الانتقام منه، فقد تعرض للضرب المبرح والشتم والإهانة. وبعد ساعتين قتل برصاصة في الرأس وأخرى في الصدر.