تعرض التجمع الوطني للأحرار، في شخص رئيسه صلاح الدين مزوار، وزير المالية في الحكومة الحالية، مؤخرا لحملة حزبية واسعة من الانتقادات، لكن ذلك لم يمنعه من تقديم برنامجه الانتخابي مساء أمس الأحد، بمدينة الدارالبيضاء، تحت شعار "مغرب الكرامة.. بكل ثقة من أجل الالتزام الجماعي". فقد أصدرت أربعة أحزاب، هي الاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية،المشاركين في الحكومة، والعدالة والتنمية، المعارض ذي التوجه الإسلامي، بيانا شديد اللهجة، انطلاقا من فروعها بمدينة مكناس، نظرا لما وصفته بظهور" مؤشرات وبوادر فساد انتخابي تنطلق من الحاضرة الإسماعيلية"، وذلك إثر تنظيم مزوار للقاء في، مكناس مسقط رأسه، ضم عددا من أنصاره. ورأت الأحزاب المذكورة في هذا اللقاء نوعا من "الاستغلال البشع للنفوذ من لدن مسؤول حكومي لمنصبه الوزاري من أجل تغذية أطماع بعض ذوي المصالح الاقتصادية"، وانتقدت كون مزوار،" رئيس حزب الحمامة"، في إشارة إلى شعار حزبه، والحامل "لحقيبة وزارية وازنة،" تلميحا للمالية، " لم يتذكر مسقط رأسه إلا مع اقتراب موعد الانتخابات، مذكرة أن "مكناس تئن تحت وطأة كثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والتي ازدادت تفاقما في ظل تسيير "الحمامة" للشأن المحلي منذ سنة 1992. وعابت على مزوار، أنه لم يكن له أي إسهام من موقعه كوزير ، في حل مشاكل مكناس ، " ولو بتشغيل ثلة من أبناء هذه المدينة العريقة". ونسب إلى عباس الفاسي، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب الاستقلال،حسب بعض المنابر الإعلامية، تصريح أدلى به أمام أعضاء المجلس الوطني لحزبه، اتهم فيه مزوار بإقامة الولائم، وإقامة حملة انتخابية سابقة لأوانها، مشيرا إلى أنه نظم مأدبة حضرها أكثر من 600شخص. بيد أن مزوار تحاشى الرد على هذه الاتهامات، أثناء تقديمه للبرنامج الانتخابي لحزبه أمس بمدينة الدارالبيضاء، في لقاء استهله بتقديم وزراء التجمع لحصيلتهم وتقييم ادائهم، كل واحد منهم،حسب الحقيبة الوزارية المسندة إليه،وارتدى المشاركون أقمصة ذات لون أزرق، باعتباره لون الحزب. وقال مزوار في كلمة بالمناسبة أن مشاركة الحزب في هذه الاستحقاقات تأتي في سياق تحول تاريخي يتمثل أساسا في اعتماد دستور جديد، مشددا على أن حزبه سيكون له" موقع متقدم في بناء مرحلة جديدة من التنمية والديموقراطية والكرامة والعدالة والاجتماعية". ولوحظ أن التجمع الوطني للأحرار جدد في أسلوب أدبياته . ثمة فارق كبير بين اليوم والأمس في كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الانتخابية ، على الأقل ، على مستوى الشكل والتواصل. لقد كان في الماضي، خاصة زمن قيادة أحمد عصمان، الرئيس المؤسس له، يكتفي بترديد بعض الشعارات الفضفاضة، مثل " الإصلاح والتصحيح لإسماع صوت الجماهير" فإذا به اليوم يأتي ببرنامج، غني بالكثير من المنطلقات،و يجعل من الثقة والكرامة والازدهار الاقتصادي أهم المرتكزات التي يقوم عليها ، وذلك من أجل رفع تحديات ورهانات التحولات على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. وشدد الحزب في هذا البرنامج ،على أن له رؤية سياسية ومجتمعية تنبني بالخصوص على مرجعيات وثوابت الأمة كما جاءت في الدستور الجديد والخيار الديموقراطي وترسيخ المكتسبات والتشبث بقيم التضامن والمساواة والعدالة الاجتماعية والتعدد الثقافي واللغوي بالمغرب. ويركز برنامج الحزب على رفع هذه التحديات والرهانات انطلاقا من استعادة الثقة في المؤسسات من خلال محاربة الفساد والرشوة والريع الاقتصادي والسياسي والمساواة في الاستفادة من السياسات العمومية. ولتحقيق ذلك، فإن الحزب يلتزم بتعزيز البناء الديموقراطي ووضع نظام فعال للحكامة يربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان نجاعة السياسات العمومية، وتوفير الأمن بمختلف أبعاده وتعزيز المساواة بين الجنسين وتثمين دور المرأة في المجتمع، وتحقيق إشعاع المغرب على المستوى الدولي من خلال مواصلة التعبئة من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب وضمان مصالحه الاستراتيجية في محيطه الاقليمي والعربي والاسلامي والعمل على تطوير التعاون مع بلدان الجنوب وتمتين العلاقة مع الاتحاد الأوروبي وتعزيز تموقع المغرب اقليميا ودوليا. وأكد برنامج حزب التجمع الوطني للأحرار على أن الكرامة حق من حقوق المواطن الأساسية، ولتحقيق ذلك فإنه يلتزم بإقامة قضاء فعال ومستقل ونزيه وتخليق المهن ذات الصلة بهذا المجال الحيوي، واستعادة الثقة في التعليم وتوفير عرض سكني متنوع ومحاربة الفقر وتوفير الخدمات الأساسية وبلورة سياسة وطنية للشباب وترسيخ مبادئ التعدد الثقافي واللغوي.