تتجه أحزاب الأغلبية الحكومية، حسب ما تسرَّبَ من معلومات عن الاجتماع الذي عقدته مساء أول أمس في بيت رئيس الحكومة، الاستقلالي عباس الفاسي، إلى إصدار مرسوم تعديلي لمرسوم الدورة الاستثنائية، لتُضاف إلى جدول أعمالها مناقشة مشروع قانون المالية القادم، لتجد بذلك «الفتوى» التي أصدرتْها الأمانة العامة للحكومة، بعد أن اعترض صلاح الدين مزوار على تاريخ تنظيم الانتخابات التشريعية لتزامنها مع تقديم القانون المالي، طريقها إلى التنفيذ. وكشفت مصادر حزبية مطّلعة ل«المساء» أن اجتماع الأغلبية، الذي استمر من الساعة السابعة إلى العاشرة والنصف من مساء أول أمس الثلاثاء، شهد تقديم صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، الخطوط العريضة للقانون المالي وللسيناريوهات الممكنة لعملية تقديمه ولطبيعة ما يمكن أن يتضمّنه من مقتضيات وإجراءات، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق على عقد لقاء جديد اليوم بين أحزاب الأغلبية ومزوار، يُنتظَر أن يحضره بعض الخبراء، بناء على طلب تقدّم به حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أجل مناقشة تفاصيل مشروع القانون المالي ووضع الإطار العامّ للاشتغال. وحسب مصادر «المساء»، فقد تم الاتفاق، بعد أن استعرض مزوار التوجهات الممكنة لمشروع قانون المالية والخيارات المتاحة بخصوص الإجراءات التي يمكن التركيز عليها، من قبيل فرض إعفاءات ضريبية أو إقرار الرفع من بعض الضرائب والتركيز على الجوانب الاجتماعية والاستمرار في دعم التعليم والصحة والعالم القروي، على أن تستمر الحكومة الحالية في عملها من خلال الإضطلاع بمهمة إعداد القانون المالي وعرضه على البرلمان، على أن للحكومة القادمة أن تلجأ إلى قانون مالي تعديلي، في حال تعارض توجهات القانون مع برنامجها. غير أن اللافت، خلال النقاش الطويل حول القانون المالي كان، وفق المصادر، هو تشديد مزوار على ضرورة التزام أحزاب الأغلبية بما سيتم الاتفاق عليه خلال نقاشها توجهات ومضامين المشروع، حتى يتجنب الوزير كل مفاجأة غير سارة بمعارضة نواب الأغلبية. وقد واجهه مطالبةَ مزوار الأغلبية بالالتزام بما سيتم الاتفاق عليه عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي مؤكدا له أنه لا يمكن منحه «شيكا على بياض» بهذا الصدد، تقول مصادرنا، مشيرة إلى أن وزير المالية اكتفى، في رده على الراضي، بقوله إنه «لا يطلب شيكا على بياض، وفي هذا السياق، يأتي طلبي عقد اجتماع مع مكونات الأغلبية لمناقشة القانون المالي». إلى ذلك، أفلحت الأغلبية الحكومية في إعادة رص صفوفها إلى حين، بعد أن أقنعت حزبي الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار بضرورة بقاء الأغلبية موحَّدة إلى حين انتهاء ولاية الحكومة الحالية، حسب ما أكده الأمين العام لأحد أحزاب الأغلبية، طلب عدم ذكر اسمه. غير أن ذلك لم يمنع لطيفة بناني سميرس، رئيسة الفريق الاستقلالي في مجلس النواب، من توجيه سهام نقدها إلى حزبَي الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، على خلفية انخراطهما في تحالف سياسي انتخابي سابق لأوانه مع حزب الأصالة والمعاصرة والاشتغال بمنأى عن الأغلبية بمناسبة تقديم مقترحاتهما حول القوانين الانتخابية في مجلس النواب. وحسب المصادر، فإن إلقاء رئيسة الفريق الاستقلالي كرة الاتهام السياسي في حضن حليفيْها في الأغلبية الحكومية، لقي معارضة من الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة وكذا من رشيد الطالبي العلمي، رئيس الفريق التجمعي الدستوري، الذي ألقى بالكرة في ملعب سميرس، مؤكدا أنه كان الأَولى بها، كرئيسة لفرق الأغلبية، أن تدعو إلى اجتماع تلك الفرق من أجل التنسيق وتدارس المقترَحات الممكن تقديمها في ما يخص القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية، مشيرا إلى أن فريقه دعا إلى فتح نقاش بين جميع الأحزاب بمناسبة مناقشة مضامين القوانين الانتخابية، إلا أنه لم تستجب لدعوته إلا ثلاثة أحزاب. واعتبر العلمي، في اتصال هاتفي معه صباح أمس، أن الأغلبية الحكومة ما زالت قائمة الذات وستظل كذلك إلى حين تشكيل الحكومة القادمة وأن حزبه لا «يمكنه أن يلعب بمصير البلاد»، وقال ردا على الجدل الذي دار حول تماسك أغلبية عباس الفاسي، في ظل التنسيق بين حزبه وأحزاب في المعارضة: «لا تعني إقامة تحالف أن يلغى التحالف الأخير، بل يمكن أن يكون مُكمّلا له، ما يجمعنا بالأحزاب الثلاثة هو تنسيق مستقبلي، لكن ما يثير الاستغراب هو كيف أقام البعض الدنيا ولم يقعدوها حينما نسّقنا مع بعض الأحزاب، في حين لم نثر أي ضجة عن محاولات إحياء الكتلة الديمقراطية». من جهة أخرى، شكّلت القوانين المؤطرة لانتخابات 25 نونبر القادم وحصيلة الحكومة موضوعَ نقاش أحزاب الأغلبية، حيث انتقدت تدخلات قياديين في أحزاب الأغلبية المسار الذي اتّخذتْه المشاورات حول القوانين الانتخابية، معتبرة أنه يتعين الاستعاضة عن تلك المشاورات التي تقودها الحكومة، في شخص وزير الداخلية، مع الأحزاب والذهاب إلى البرلمان مباشرة من أجل مناقشتها، في ظل وجود أطراف تلجأ إلى إثارة النقاش مرة أخرى، رغم التوافق المسجَّل خلال المشاروات.