عاشت مدينة الدارالبيضاء المغربية، ( الاحد)، يوما استثنائيا، ليس كسائر الأيام، بسبب حالة الطوارئ التي أعلنها ''داربي الإخوة الأعداء'' بين الوداد والرجاء، والذي كان قمة في الروعة والإثارة. ما منح ''كازا بلانكا'' رونقا وجمالا منقطع النظير، أنسى سكان المدينة ولو جزءا من متاعبهم اليومية، ليمنحهم البهجة والسعادة. أضفى الداربي على المدينة وجها آخر لا تعيشه إلا في مثل هذه المناسبات، بالنظر للوحات الفنية المميزة التي صنعها جمهور الفريقين سواء بمدرجات ملعب مركب محمد الخامس، أو في شوارع المدينة التي عاشت على الأهازيج الحماسية لمشجعي كلا الفريقين، وبصفة خاصة أنصار الرجاء الذين تغنوا مطولا بالفوز على الجار، مثلما تنقله ''الخبر'' في هذه السطور. فتيات.. كهول وعجائز في المدرجات. الفرحة لدى مشجعي الرجاء كانت فرحتين، فرحة بالفوز على أقوى المنافسين، وأخرى بانتزاع صدارة البطولة المغربية من نفس الفريق، في القمة رقم 108 بين الفريقين، والتي جرت لحساب الجولة 26 من بطولة هذا الموسم. وعلى غرار ما يجري في المباريات المحلية لدى أبرز البطولات، اكتست مدينة الدارالبيضاء حلة زاهية، امتزجت معها الألوان الخضراء والبيضاء (ألوان الرجاء البيضاوي) واللون الأحمر (لون الوداد البيضاوي)، فبغض النظر عن البهجة التي صنعتها الجماهير عبر مختلف شوارع المدينة، في نواحي الملعب، امتد الزحف الأخضر والأحمر إلى مدرجات ملعب محمد الخامس، الذي اكتسى هو الآخر حلة بهيجة منذ الساعات الأولى من صباح يوم الأحد. فبالرغم من دخولنا الملعب في حدود منتصف النهار (قبل أربع ساعات من بداية المباراة)، إلا أن كل المدرجات كانت مكتظة عن آخرها، حيث جلب ''الداربي'' مختلف فئات الشعب المغربي من شبان، فتيات، وحتى الكهول والعجائز كان لهم حضور بالملعب. ال ''داربي'' يعلن حالة الطوارئ وفي الخارج أعلنت قوات الأمن من شرطة وجيش حالة استنفار واصطفت عناصر الشرطة والجيش في محيط الملعب، وأيضا عبر أبرز الشوارع الرئيسية للمدينة، تأهبا لحدوث أي انزلاقات غير محمودة العواقب بالنظر للحساسية المفرطة بين جمهور الفريقين العريقين، وقد دفع ذلك أيضا أصحاب المحلات التجارية لغلقها تخوفا من تعرضها للتخريب، في ظل الحضور الجماهيري الغفير الذي تعرفه مثل هذه المباريات. وبالرغم من الطوق الأمني المضروب حول الملعب، إلا أن ذلك لم يمنع بضع المشجعين وخاصة الأطفال من التسلل عبر بعض الأسوار القريبة من الملعب، ليبدأ الكرّ والفرّ بين البوليس والمشجعين والذي غالبا ما ينتهي باقتياد بعضهم إلى مراكز الشرطة. فرجة ولوحات رائعة في المدرجات وفي المدرجات صنع أنصار الفريقين لوحات فنية رائعة وقمة في التشجيع، بعدما امتزجت ألوان الرايات الخضراء والبيضاء والحمراء، وأضفت على المباراة جوا حماسيا منقطع النظير. ولم يتوقف المشجعون عن التغني بفريقيهما قبل، أثناء وبعد المباراة، ولو أن مشجعي الرجاء كانوا أوفر حظا بعد أن حسموا ال ''داربي'' لصالحهم. ولم يترك المشجعون أي صغيرة وكبيرة تفوتهم خلال المقابلة المحلية، حيث أعدوا العدة جيدا لذلك، فرفعوا رايات عملاقة بألوان وشعار الفريقين، وقد تفننوا في استخراج كل ما لديهم من مواهب في التشجيع وأداء الأهازيج الحماسية، ووقفت رفقة زملائي من الصحفيين الأجانب الذين حضروا لتغطية المباراة والدهشة تكاد تعقد ألسنتنا من روعة ما شاهدناه بمدرجات الجماهير، وكأن الأمر يتعلق بمقابلة روما أو ميلانو أو بإحدى مباريات القمة في أمريكا الجنوبية. كما وفرت إدارة المركب كل شروط قضاء أوقات ممتعة، فضلا عن التنظيم المحكم، حيث لم يجد المنظمون صعوبات كثيرة على هامش اللقاء. الشاب خالد وبلال حضرا ''داربي كازا'' بقدر ما فوجئنا، ونحن بملعب محمد الخامس، بالمشاهد الرائعة التي صنعها أنصار الرجاء والوداد، كانت مفاجأتنا أكبر، بحضور قوي للجزائر، من خلال تغني مشجعي الرجاء بمدرب المنتخب الوطني رابح سعدان. ويبدو أن مشجعي الرجاء لازالوا يتذكرون المجد الذي صنعه ''الشيخ'' لفريقهم بعد أن قاده لإحراز كأس إفريقيا للأندية البطلة يوم 15 ديسمبر من العام 1989، على حساب مولودية وهران. ولم يكن الحضور الجزائري في ''داربي كازا'' مقتصرا على سعدان فقط، وإنما تعدى ذلك إلى ملك أغنية الراي الشاب خالد، والشاب بلال أيضا من خلال أشهر أغانيهما وأقدمها أيضا، حيث فضلت إدارة المركب إذاعة أغاني ''الكينغ'' وبلال باستمرار، ليرقص ويتمايل على أنغامها آلاف الحضور.