أزيد من ثلاثمائة ألف شخص كانوا منتصف ليلة أول أمس (الأحد - الاثنين) على موعد مع حفل ضخم للشهب الاصطناعية على امتداد رمال شاطئ عين الذئاب. كل منافذ الشاطئ البيضاوي المشهور، من الجهة الجنوبية والشرقية والشمالية، عرفت اكتظاظا لا مثيل له لأجل حضور حفل «الصورة والصوت» «يلعلع» في السماء. طوابير من السيارات استمتع راكبوها والمترجلون منها، بلوحات تشكيلية بديعة استمر عرضها زهاء الساعة من الزمن تقريبا، زادتها انعكاسات أضواء مياه المحيط الأطلسي المتلألئة بهاء وجمالا، وذلك إعلانا عن الاختتام الرسمي لأنشطة مهرجان البيضاء الذي دام أربعة أيام في الجهات الأربع للمدينة عبر منصات موسيقية رصدت لهذا الغرض، ومن خلال أنشطة فنية وثقافية موزاية في أحياء مختلفة.. أزيد من مليوني متفرج بيضاوي.. كانوا على موعد مع نخبة من المطربين والفنانين المغاربة والأجانب، بعضهم أخذ حظه من الشهرة والنجومية بعدما أصبحت العديد من أغانيه تتردد على لسان المحبين، والبعض الآخر شرع ينال حظه منها.. وكانت المناسبة مواتية بالمهرجان، حيث صادفت الأمسيات الفنية إقبالا جماهيريا كثيفا فاق كل التوقعات، دون تسجيل حوادث أو انفلاتات أمنية مؤثرة، باستثناء حالات فريدة وشاذة بحفل المطربة اللبنانية هيفاء وهبي، إذ عرف نشاط المهرجان مسارا عاديا دون أن تخدشه أي سلوكات خارجة عن إطار البهجة والاحتفالية التي تسجلها معظم المهرجانات العالمية، وهو ما يعني أن ثقافة المهرجانات - حسب تصريح مصدر من الجهة المنظمة - أضحت مكتسبا للمواطن البيضاوي خاصة والمغربي عامة، بدليل التفاعل والتجاوب الحضاري الذي أبداه الجمهور، بجميع مكوناته تجاه الحفلات دون استثناء، خاصة حفلات اليوم الأخير التي سجلت إقبالا منقطع النظير. في هذا السياق استضافت منصة ساحة الراشيدي ( حوالي 75 ألف متفرج) الفنانة المغربية هندي زهرة التي كانت المناسبة فرصة ليتعرف عليها الجمهور البيضاوي، بعدما وقعت قبل ذلك على اسمها كعلم فني قادم من وارء المحيط، حيث برزت كإحدى الفنانات المتميزات في أداء مزيج فني يدمج بين البلوز القديم والجاز والأهازيج الشرقية، وذلك بكل من أمريكا، هولاندا وبريطانيا .. ثم المجموعة الجديدية «مازاغان» التي تعرف عليها الجمهور البيضاوي في العديد من المناسبات الفنية، وكانت فرصة ليلة الأحد لتجديد اللقاء من خلال التفاعل الذي أبداه الجمهور تجاه إبداعاتها الموسيقية ذات النكهة الشعبية المتجددة التي تمزج بين العديد من الأنماط الموسيقية في تناسق وتناغم تام مع الإيقاع المغربي الخالص، ثم مسك الختام الفنان المغربي حميد القصري الذي أخذ اسمه يلمع في الأوساط الموسيقية الدولية من منطلق توظيفه الجيد لموسيقى كناوة مع أنماط موسيقية غربية وخاصة موسيقى الجاز، رفقة عازفين ذوي سمعة عالمية، وحضوره في ذات السهرة، هز أحاسيس ومشاعر الجماهير التي كانت تتمايل باستمرار مع الايقاع الكناوي الخالص المرفوق بتوزيع موسيقي جديد غاية في الإبداع والجمال. وبالمناسبة ذاتها عرفت خشبة لاكورنيش - العنق حضور النمط الموسيقي الغربي الذي استقطب إليه عشرات الآلاف من المهووسين، كان نجماها كل من فنان الراب الفرنسي - المالي أوكسموا بوتشينو، الحائز مؤخرا ( 2010) على جائزة أحسن ألبوم للموسيقي الحضرية (فيكتورا) عن أغنيته الأخيرة (سلاح السلام)، وقد أتحف الجمهور الذي غص به فضاء الساحة المفتوحة بالعديد من الأغاني تضمنتها أغلب ألبوماته «أوبرا بوتشينو»،«صُبَّار سيبيريا» و«ليبوبيت» .. وكذلك نجمة الراب الأمريكية ميسي إليوت التي وضعت لنفسها مكانا متميزا في عالم الراب الرجالي ببلد العم سام، حيث انخرطت في بداية مشوارها ضمن العديد من فرق الراب الأمريكية قبل أن تستقل بنفسها وتنجز مجموعة من الألبومات التي كانت الأمسية البيضاوية الأخيرة فرصة لأداء العديد منها، وكان إيقاعها عنصر جذب مهم لأسماع الكثيرين بالعنق.. وفي الضفة الأخرى من المدينة المترامية الأطراف، عاشت الساكنة البيضاوية مع إيقاع موسيقي جد مغاير، نمط غنائي مغربي خالص، أبدع فيه كل من الفنان المغربي موس ماهر، ابن مدينة احفير، على ميلوديا الراي المغربية، وشكلت فيه أغنية «دوگ المهراز» و«الحماق حماقي» الشرارة التي هزت فضاء خشبة سيدي البرنوصي، كما «لعلعتها» الفنانة المغربية حادة أوعكي والزهراوي، حيث سجلت النغمة الموسيقية والإيقاع الزيانيان تفاعلهما الإيجابي مع جماهير سيدي البرنوصي قبل أن يحل مسك الختام الفنان الشعبي عبد الله الداودي الذي يبدو أنه أصبح يشكل «معادلة صعبة» في الأغنية الشعبية المغربية، باعتبار الاكتساح الجماهيري الذي يحققه في كل مناسبة يحضرها، ومنها هذه المناسبة التي كان التفاعل الجماهيري معها جد مثير.. مثلما هي الإثارة التي سجلتها منصة ابن مسيك، وهي تستضيف كلا من الفنان المغربي عبد الرحيم الصويري، والفنانة المغربية الشابة ليلى البراق، خريجة استوديو دوزيم، والمطربة اللبنانية الذائعة الصيت هيفاء وهبي، حيث عجز فضاء الخشبة المذكورة عن استيعاب الجماهير الغفيرة التي تقاطرت على «حي أفريقيا»، قبل مغرب شمس الأحد، من أجل مشاهدة إحدى ظواهر الموسيقى العربية الراهنة، هيفاء وهبي، حيث كانت الطوارات المجاوره للفضاء بديلا لمن لم يستطع وولوج ساحة المنصة الفسيحة، إذ تم الاستمتاع في البداية بنغمات من الطرب الأندلسي بلمسة نغمية خفيفة من إبداع الفنان عبد الرحيم الصويري عبر كشكول غنائي متنوع، وكذلك ليلى البراق التي أمتعت الجمهور بالعديد من الأغاني، ومن ضمنها جديدها الفني، قبل أن تحل المطربة اللبنانية، التي كانت الصفوف الأمامية للخشبة تساوي «ذهبا» من أجل التملي ب«طلعتها» وقوامها.. أكثر من شئ آخر.. ولو كانت أغنية «الواوا»