"الشرق الاوسط" الجزائر: بوعلام غمراسة تأخذ السلطات الجزائرية على محمل الجد، دعوات إلى التظاهر في الشارع عبر الشبكة الاجتماعية «فيس بوك». وتنتشر أخبار «خروج الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بتغيير النظام يوم 17 سبتمبر (أيلول) الحالي»، في أوساط الجزائريين، خاصة سكان العاصمة، مما دفع بقوات الأمن إلى تعزيز وجودها في الساحات العامة. وتثير «حركة 17 سبتمبر لإسقاط النظام»، النشطة على شبكة «فيس بوك» هواجس السلطات الجزائرية التي تخشى امتداد الحراك الشعبي العنيف، الذي وقع في تونس وليبيا المجاورتين، إلى الجزائر. وتراقب أجهزة الأمن بشدة التواصل الحاصل عبر الشبكة العنكبوتية، بين شباب يتحدثون عن «خريف غضب»، وتسعى لمعرفة مشاربهم، والتأكد من احتمال انتمائهم إلى تنظيم يحضر لمظاهرات. ويقود «حركة 17 سبتمبر لإسقاط النظام»، شاب يدعى مروان الطيب بشيري، ينحدر من بلدة تقع على الحدود بين الصحراء والشمال، وكتبت عنه صحف باحتشام، ونقلت عنه أن المظاهرات التي يسعى لها مع رفاق له، «نريدها سلمية وبعيدة عن الثورات التي حصلت في بلدان عربية». وأنشأ نشطاء «الحركة» هيئة سموها «المجلس الأعلى للشباب الجزائري»، دعت إلى «كسر حاجز الخوف للمطالبة بالتغيير»، وإلى «التمسك برسالة أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954»، في إشارة إلى بيان انطلاق حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي، التي تضمنت «إقامة دولة جزائرية ديمقراطية في إطار المبادئ الإسلامية». ويرى مراقبون أن حركة 17 سبتمبر لا تعدو كونها دردشة وتبادل آراء على الشبكة العنكبوتية. ولا يمكن لنشطائها، حسب ما قالوا، تعبئة عدد كبير من الأشخاص وضمهم إلى المشروع، على افتراض أن المسعى جاد. أما مصالح الأمن، فتتعقب أثر هؤلاء الشباب منذ أسابيع، وتراقب ما يجري في مقاهي الإنترنت، والفضاءات الشبانية بالعاصمة. وبانطلاق الموسم الدراسي رسميا، أمس، لوحظ انتشار مكثف لرجال الأمن بالقرب من مدارس التعليم الثانوي. وتعتقد الأجهزة الأمنية أن المؤسسات التعليمية ومعاهد التكوين المهني، هي أكثر الفضاءات التي يمكن أن يصدر منها «التحريض» على التظاهر في الشارع. ويذكر طبيب جراح يعمل بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة، ل«الشرق الأوسط»، أن والدته المسنة حذرته مما سمته «فوضى كبيرة ستجتاح العاصمة يوم 17 سبتمبر». وقالت إن هذا الكلام نقلته عن إحدى الجارات، حدثتها عن «ثورة قادمة في العاصمة». والجارة حدثها ابنها عن «الثورة المرتقبة»، نقلا عن صديقه وهو شرطي مكلف بمراقبة إحدى الساحات العامة لمنع أي تجمع محتمل بها. ويقول أبو جرة سلطاني، زعيم الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم) المشارك في الحكومة، ل«الشرق الأوسط»، إنه لا يعير أهمية كبيرة لحركة 17 سبتمبر التي اعتبرها «متنفسا لشباب يريدون التعبير عن طموحاتهم، ولا أعتقد أن الأمر يتعلق بمشروع جاد يجري الإعداد له». ومع ذلك، قال إن الحكومة «مطالبة بإزالة الاحتقان في البلاد تفاديا لغضب عارم». وأجهضت قوات الأمن في فبراير (شباط) الماضي، محاولة العشرات من الشباب تنظيم مسيرة من أمام مقر البريد المركزي إلى قصر الرئاسة بالعاصمة. وجاءت المحاولة بناء على دعوات إلى التظاهر للمطالبة بالتغيير عبر «فيس بوك». وتزامن ذلك مع «مسيرات التغيير» التي منعتها السلطات بالقوة، والتي قادها الحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية». وتعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، ب«إصلاحات سياسية شاملة»، تتم بمراجعة قوانين الانتخابات والأحزاب والإعلام، واستحداث قانون لترقية المشاركة السياسية للمرأة. ووعد بتعديل الدستور «بما يتيح هامشا أوسع للحريات والممارسة الديمقراطية».