الرباط "مغارب كم": سعيد بنرحمون أقدمت الحكومة المغربية في الأيام القليلة الماضية على اتخاذ قرارات اقتصادية وصفها البعض بالجريئة، في حين اعتبرها آخرون سياسية أكثر منها قرارات اقتصادية، ليس الهدف منها الاستجابة لحاجة ملحة لدى المواطنين، بقدر ما تهدف إلى تسجيل نقاط كبرى في معركة انتخابات 25 نوفمبر المقبل. القرار الأول هم تفعيل بنود اتفاق 26 أبريل 2011 للحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، المتعلق برفع قيمة المعاش الأدنى من 600 إلى ألف درهم. ويهم القرار الثاني التزام الحكومة برصد مبلغ 250 مليون درهم لتنفيذ مشروع التعويض عن فقدان العمل وتمويله، ليصبح في مقدور فاقدي الشغل الحصول على تعويضات تقدر بحوالي 70 في المائة من الأجر الشهري الذي كانوا يتقاضونه. الفاعل السياسي المعارض قلل من أهمية هذه القرارات، واعتبر أن الحكومة تتخوف مما يقع في الشارع من احتجاجات متواصلة مند أزيد من أربعة أشهر. مثال هذا الفاعل ما قاله مصطفى الخلفي مدير جريدة التجديد لسان حال حزب العدالة التنمية المعارض في اتصال هاتفي مع "مغارب كم" من كون"الحكومة تحاول دعم وتعزيز حصيلتها في الانتخابات القادمة، لكي لا يقع أي توتر في الانتخابات القادمة" وأضاف الخلفي أن هذه القرارات، تبقى مؤقتة، لأن الحكومة " تلعب الوقت بدل الضائع، بإجراءات ترقيعية غير مستدامة ومحكومة بالهاجس الانتخابي، أما آثارها على المستوى الاجتماعي فجد محدودة " و ألح الخلفي على أنها قرارات قابلة للتحقيق من ناحية الموارد المالية باعتبار أن "التعويضات عن فقدان الشغل ليست بالحجم الكبير، والمغرب جرب نظام الخدمة المدنية لسنوات، والأمر بالنسبة للحكومة الحالية متأخر جدا، ورائحة الانتخابات القادمة بادية فيه". في الجانب الأخر يوجد الفاعل السياسي الأكاديمي الذي ينظر للأمور من زاوية أخرى، مثل حسن قرنفل ،أستاذ العلوم السياسية بجامعة أبي شعيب الدكالي، الذي يعتبر أن الحملة الانتخابية أمر مستبعد في هذه القرارات مادامت "الحكومة تتكون من ائتلاف حكومي يضم عدة أحزاب، وبالتالي فلن نقف بالتدقيق على الجهة الحزبية التي تقف وراء هذه القرارات، هل يتعلق الأمر بحزب رئيس الحكومة أو بحزب وزير المالية أم بالأحزاب الأخرى المشكلة للائتلاف الحاكم؟" و يتساءل قرنفل، بخصوص توقيت إخراج هذه القرارات، ليؤكد أن " الالتزامات المالية للدولة تكون عادة محكومة بجدولة زمنية محددة، تأخذ بعين الاعتبار الموارد المالية الكافية لتمويلها، ناهيك عن أن تصويت الناحبين في بلادنا لا تتم تبعا لحسابات من هذا المستوى بقدر ما هو مرهون بمدى معرفة الناخبين بالمرشح شخصيا، ومستوى خدماته داخل دائرته الانتخابية، وأشياء أخرى بعيدة كل البعد عن اعتبارات الأداء الحكومي". في حين يتفهم باحث من حقل معرفي آخر الاتهامات التي قد توجه للحكومة في شأن نسبة قراراتها الاقتصادية الأخيرة إلى الحسابات الانتخابية، آخذا بالاعتبار الظرفية السياسية الحالية. هذا التحليل يعود لعبد السلام الصديقي أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة مولاي إسماعيل، والذي أكد ل"مغارب كم" أن "قرار الزيادة في معاشات المتقاعدين، جاء بتأثير كبير من المركزيات النقابية خلال جلسات الحوار الاجتماعي،على أنه أتى متأخرا عن موعده " أما بخصوص مسألة تمويل مثل هذه القرارات ،فقال الصديقي إن " موارد الدولة جيدة، ومداخيل الضرائب تحسنت خلال النصف الأولى من السنة الجارية، بالإضافة إلى الشعور العام لدى دافعي الضرائب الكبار فيما يخص تأدية ما بذمتهم من مستحقات للدولة، لأن عجز الدولة سيعود بأوخم العواقب على الجميع"، على أن الدولة في نظر الصديقي ،تمر بما أسماه ضائقة مالية، فعجز الخزينة ارتفع إلى 5 أو 6 في المائة حسب صندوق النقد الدولي، لهذا يحث الباحث الحكومة على الحد من المصاريف الزائدة، وعقلنة المصاريف الضرورية، لقد حان الوقت، في نظر الصديقي لفرض ضريبة على الثروة، لتمويل مشاريع من هذا النوع، "على أثرياء هذه البلاد أن يحذوا حذو أغنياء العالم الغربي، الذين تطوعوا تلقائيا لأداء الضرائب والتخفيف بعض الشيء من أعباء الدولة" واستنتج الصديقي أنها قرارات فيها الحسابات الانتخابية وفيها المصلحة العامة للمواطن العادي، محكومة بإكراهات الظرفية السياسية الحالية وفيها كذلك الاستجابة لما سبق من مفاوضات، وخاصة ما تمخض من اتفاقيات خلال الحوار الاجتماعي، لكن الأكيد في كل هذا أن الحكومة الحالية تأخذ زمام أمرها بيدها على الرغم من لعبها في الدقائق الأخيرة من عمرها.