الكل يعرفها في المغرب.هي صاحبة وجه ضاحك ومألوف لدى المشاهدين، وتملك صوتا متميزا في الوصف الرياضي.وهي أول فتاة تقتحم عالم الإعلام الرياضي في المغرب. قائمة بلعوشي، قصيرة القامة،لكنها صاحبة مكانة متميزة في المشهد الإعلامي المغربي،إذ تعتبر أول شابة تطرق هذا المجال.وكان دخولها إليه سنة 1986،وهي يومئذ طالبة جامعية في السنة الثالثة،شعبة التاريخ،بعد اجتياز تدريب قصير في التلفزيون. اليوم أصبح هذا الميدان مقصد البعض من الصبايا الحالمات بالشهرة عبر التغطية الإعلامية لعالم اللعبة الشعبية الأولى،كرة القدم. هذا الاختيار كان هو حلم صباها وأمنية عمرها،ولو عاد الزمن إلى الوراء،فإنها ستكرر نفس التجربة،وستختار نفس الطريق التي تمشي فيها الآن،بكل حماس. في قلب الأستوديو تنسى قائمة نفسها لاتبالي بالوقت أبدا،ما يهمها هو أن يخرج العمل بأحسن صورة ممكنة،شكلا ومضمونا. تتحرك في الملعب في كل الاتجاهات،لاتهدأ أبدا،كأنها نحلة تبحث عن الرحيق.وحين ينادي عليها الجمهور الرياضي بإسمها تلوح له بأيديها،وهي تمسك الميكروفون جيدا،فهو وسيلة تواصلها مع الناس. ولاتتردد في اقتحام المضمار،إذا أحست أن ذلك يخدم الوصف الرياضي،ويقدم إضافة نوعية تضيء الموضوع،مثل ماحدث يوم فاز البطل المغربي هشام الكروج بالميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية في مسافة 1500متر،حيث سارعت إلى لقائه عند خط الوصول،كي "تلتقط" منه تصريحا بالمناسبة،قبل أن"يلتقط" هو أنفاسه.تلك اللقطة التلفزيونية مازال المشاهدون المغاربة يتذكرونها جيدا. متفوقة بشهادة زملائها،تشتغل كواحدة منهم، بدون أي عقدة أو مركب نقص، بل وتقوم بعدة مبادرات واقتراحات عمل جريئة، وتسافر خارج البيت العائلي،إذا كان هناك تنقل إلى مدينة أخرى،أو حتى إلى دولة أخرى خارج الوطن.ويعاملها اللاعبون والزملاء على السواء كواحدة من أسرتهم،تقديرا لها ولحفاظها على سمعتها وكرامتها. صحافية مجتهدة مثلها،لابد أن تقطف نتيجة جهدها ومثابرتها،وقد حازت عددا من الجوائز،ومنها جائزة "خميسة"،بوصفها"أحسن إمرأة في الميدان الإعلامي". وهذا الانغماس في العمل الإعلامي الرياضي حتى النخاع، قد يجعلها تنسى نفسها،أحيانا،ولكنها لايمكن أبدا أن تنسى قططها،سواء منها تلك التي ترعاها في البيت،أو تلك التي تموء قريبا من بناية التلفزيون في شارع البريهي في مدينة الرباط. إنها تخصص لها ميزانية من راتبها الشهري،قصد إطعامها والعناية بها،بل وتعقد معها علاقة خاصة،تقوم على العطف على هذه الحيوانات الأليفة القريبة إلى قلبها،والتي تحنو عليها كثيرا، وكثيرا مايشاهدها المارة وهي تعاملها على الرصيف بكل حنو ومحبة. في حياة قائمة بلعوشي جانب حزين، وجرح نزف ذات يوم ألما، فقد كانت طفلة يوم تعرضت أسرتها للطرد من الجزائر، ضمن عدد من المواطنين المغاربة، في يوم غائم، وكان ذلك عقب تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء نحو الصحراء سنة 1975 , تلك صفحة طويت في زحمة الأيام، لكنها تسكن تلافيف الذاكرة.