يواصل المعطلون، من الأطر العليا، اعتصامهم بمقر حزب الاستقلال، وسط مدينة الرباط، منذ ليلة الخميس الماضي، مطالبين أمينه العام، عباس الفاسي، الوزير الأول في الحكومة بإدماجهم في الوظيفة العمومية. وقد لوحظ مساء اليوم (الاثنين) أن منسقين من المعطلين هم الذين يتولون عملية الإشراف المباشر على الدخول إلى المقر،عند البوابة الرئيسة، لدرجة يبدو معها الوضع، كأن مسؤولي المركز، تخلو مؤقتا عن تسيير وتدبير شؤونه في انتظار إيجاد حل مازال مستعصيا حتى اللحظة. وقد تحول المركز المذكور إلى ما يشبه تجمعا شبابيا، حيث انتشر المعطلون والمعطلات في كل أنحائه، انطلاقا من ساحته، ووصولا إلى سطحه وشرفاته، التي يلوحون من خلالها بلافتاتهم وشعاراتهم، مصحوبة بهتافاتهم، طيلة ساعات النهار. وقال عضو من تنسيقية الأطر العليا المعطلة كان واقفا عند الباب ،لموقع:"مغارب كم"، إن زملاءه لن يفكوا اعتصامهم إلا بعد تنفيذ مقتضيات المرسوم الوزاري: 100- 11-02، مشيرا بأصبعه إلى لافتة بهذا المعنى، معلقة على جدار المركز، إلى جوار لافتة أخرى، تفيد أن المعطلين سوف يدخلون في إضراب عن الطعام، وأنهم عاهدوا عائلاتهم:"إما التوظيف أو الممات". ويبدو جليا، أن حزب الاستقلال، قائد الأغلبية الحكومية الحالية، ضاق ذرعا بهذا الاعتصام الشبابي الذي تم في مرحلة حرجة بالنسبة له، في أفق الاستحقاقات الانتخابية التي تقترب يوما بعد يوم. ولعل ما يفسر ضيقه وتبرمه من ذلك هو ما جاء في موضوع رئيسي في صدر صفحته الأولى لجريدة "العلم"، لسان الحزب، في عددها الذي يوزع غدا الثلاثاء، حيث وصف الاعتصام بالاحتلال، متسائلا في عنوان بارز: "لفائدة من يتم احتلال مركز حزب الاستقلال؟". وأوضح المقال، الذي لم يحمل أي توقيع، أن الاستقلاليين ضاق صبرهم بما يجري في مركز حزبهم، مضيفا أنه "هيأة سياسية وطنية وليس هيئة حكومية"، وزاد مؤكدا، أن"الحكومة ائتلافية، وحزب الاستقلال ليس حزبا حاكما"، مذكرا بأن الحكومة شغلت أزيد من أربعة ألاف من حاملي الشهادات العليا سنة 2011 . واستغرب المقال لما أسماه "صمت الرأي العام والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية عن هذا الاحتلال غير المبرر"، مذكرا بأن مناضلي الحزب يعتبرون ذلك "استفزازا لهم، وتعديا على مركزهم"، وعرقلة عمل العاملين فيه، وعرقلة زيارات المناضلين والمناضلات للمركز، ومنع اجتماعات أطر الحزب وهيئاته ومنظماته الموازية بشكل يؤثر على أداء الحزب، والبلاد مقبلة على الاستحقاقات التشريعية." وخصص المقال حيز وافرا للجانب الأمني في الموضوع، معتبرا أن الجهات المعنية والمسؤولة على أمن البلاد واستقرارها وحماية ملك الغير وأمنه واستقراره لم تتخذ "مايلزم لتوفير هذا الأمن الضروري لكل عمل إيجابي وبناء". ويرى حزب الاستقلال، حسب نفس المقال، أن الأمن الذي وفر لمؤسسات اخرى من طرف الأجهزة المسؤولة لم توفر ذلك لمركز الحزب، "قبل احتلاله، مع أنه لدى الجهة المعنية مراسلات في الموضوع، مما يطرح أكثر من تساؤل واستفهام". وختم المقال بالإشارة إلى أن هناك أيضا علامة استفهام كبيرة حول وجود مسؤول كبير في حزب سياسي، لم يسميه، طيلة ليلة الخميس، التي جرى فيها الاعتصام، أمام مقر الحزب، مضيفا "أن هذا يفضي إلى تساؤل آخر: في الحكومة خمسة أحزاب سياسية، لماذا مركز حزب الاستقلال هو الذي يتعرض للهجوم وحده... وأسئلة أخرى تفرض نفسها سيأتي الوقت المناسب لطرحها".