تفاعلت مسألة الإشاعات التي راجت قبل 3 أسابيع عن خلافات تتناول الثنائي الرئاسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني، وزج اسم وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي التي وجهت إليها أصابع الاتهام باعتبارها إحدى الجهات التي روجت لهذه الإشاعات. وبالنظر إلى الوجهة التي ولجتها هذه المسألة، فقد خرجت داتي، الوزيرة السابقة والنائبة الحالية في البرلمان الأوروبي عن صمتها وأصدرت الليلة قبل الماضية بيانا نفت فيه أي علاقة لها بهذه الإشاعات. وجاء في البيان أن داتي «تستنكر بشدة ما جاء في بعض وسائل الإعلام عن تحميلها مسؤولية نشر إشاعات عبثية وغير مقبولة حول الحياة الخاصة للثنائي الرئاسي». وهددت داتي باللجوء إلى القضاء ضد كل من ينقل هذه الأخبار التي «لا أساس لها من الصحة» أو من يربطها بسحب الحماية الأمنية التي كانت تتمتع بها بصفتها وزيرة عدل سابقة. وكانت وزارة الداخلية أبلغت داتي التي كانت في بداية عهد ساركوزي مقربة جدا منه ومن زوجته السابقة سيسيليا، بسحب رجال الأمن الأربعة منها وكذلك سحب السيارة الوظيفية والسائق الذي كان في خدمتها. وأفادت أخبار وقتها أن «معاقبة» داتي قررها ساركوزي نفسه بعد تعليقاتها عن الانتخابات الإقليمية ودعوتها الرئيس الفرنسي إلى العودة إلى «القيم الأساسية» لليمين ما يعني ضمنا أن ساركوزي تخلى عنها. ولم تتوقف التفاعلات عند هذا الحد، إذ انبرى أحد نواب حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني، (كريستيان جاكوب) وهو مقرب من الرئيس السابق جاك شيراك، إلى الدفاع عنها مشيرا إلى «الاتهامات المجنونة» التي تساق ضد داتي، أول وزيرة من أصل مغربي تصل إلى منصب سيادي كوزارة العدل. كذلك أصدر رئيس حركة مناهضة العنصرية، دومينيك سوبو، بيانا أعرب فيه عن دهشته لاستهداف داتي، مذكرا بما تعرضت له من حملات عنصرية عند تعيينها وزيرة للعدل. وفي سياق مواز، قدمت إدارة صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الأسبوعية دعوى قضائية ضد مجهول لاستخدامه مدونة تنشر على موقع الجريدة لبث إشاعة الخلافات بين الثنائي الرئاسي، وهو ما أفضى إلى انتشارها واستخدامها من قبل الصحافة الفرنسية والعالمية. وبسبب هذه القضية سرح موظفان في الصحيفة المذكورة وعمد مديرها إلى تقديم اعتذار لرئيس الجمهورية وزوجته عن الضرر الذي لحق بهما. وذهب بيار شارون، أحد مستشاري الرئيس الفرنسي في مجال الاتصالات إلى القول إن تقديم دعوى قضائية مفيد «لأن الخوف سيغزو المعسكر المقابل» ما حمل نقابة الصحافيين في جريدة «لو جورنال دو ديمانش» إلى التعبير عن استنكارها «اللهجة التهديدية» لشارون التي تصفها بأنها «لا يمكن قبولها». وقال شارون في مقابلة صحافية إن الغرض من الدعوى القضائية التي بدأت بفتح النيابة العامة في باريس تحقيقا قضائيا، إفهام من يعنيهم الأمر أنه «حان الوقت» لوضع حد لكل هذه الإشاعات المغرضة. وتحدث شارون عن «مؤامرة» تحاك ضد الرئيس ساركوزي ولم يستبعد وجود «حركة أموال» مرتبطة بها، دون إعطاء مزيد من التفاصيل. ويأتي كل هذا الجدل على خلفية الصعوبات السياسية التي تعيشها الرئاسة والحكومة ومعهما اليمين الفرنسي بعد هزيمة الانتخابات الإقليمية التي شهدت فوزا ساحقا للوائح اليسار والخضر. ويرى مراقبون سياسيون أن هذه «الحالة» السياسية مرشحة للاستمرار، وأن نتائج الانتخابات «أضعفت» الرئيس الفرنسي وفتحت بشكل مبكر موضوع الانتخابات الرئاسية التي يرجح أن يسعى الرئيس الحالي إلى الفوز بولاية ثانية بينما شهية المرشحين يمينا ويسارا زادت بعد مؤشرات الضعف الرئاسي السياسي.