شارك ناشطون مغربيون في القافلة البشرية التي احتجّت على الجدار الأمني الذي أقامه المغرب في الثمانينات من القرن الماضي لحماية أراضيه من الهجمات التي كانت تشنها جبهة البوليساريو. في وقت اشتكى ممثل الجبهة الداعية لانفصال الصحراء، في إقليم "كاتالونيا" الإسباني من أسلوب المعاملة الذي باتت حكومة الإقليم تتبعه حياله والحركة التي يمثلها. ذكرت تقارير صحافية أن ناشطين صحراويين من المحافظات الجنوبية المغربية، انضموا يوم الجمعة، إلى القافلة البشرية التي انتقلت من التراب الإسباني عبر الجزائر إلى مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، للاحتجاج على الجدار الأمني الذي أقامه المغرب في عقد الثمانينات من القرن الماضي لحماية أراضيه من الهجمات التي كانت تشنها جبهة البوليساريو، في شكل حرب عصابات، انطلاقا من المخيمات التي تحميها الجزائر. ولم تشر المصادر الإسبانية التي أوردت الخبر، إلى عدد الناشطين المغاربة، ولا إلى الكيفية التي سافروا بها من المغرب، مكتفية بالقول إنهم ينتمون إلى المدن الثلاث الرئيسة في المحافظات الصحراوية الخاضعة لسيادة المغرب، وهي العيون والداخلة وأسمرة. وعلى عكس السنتين الماضيتين، فإن عدد المشاركين في القافلة وجلهم إسبان، تناقص إلى حد كبير، فبينما توقعت الجهات المنظمة حضور ومشاركة ثلاثة آلاف مناصر للبوليساريو من الإسبان وجنسيات أوروبية أخرى، لوحظ أن الذين حضروا دون ذلك العدد بكثير، انضم إليهم سكان المخيمات وذهب الجميع في تظاهرة احتجاج يوم الجمعة، حتى اقتربوا من الجدار (طوله 250 كلم). ما جعل التظاهرة تمر في سلام هو اصطفاف المتظاهرين على مسافة بعيدة من الجدار من جهة، خوفا من تكرار حادث العام الماضي، حين انفجر لغم أرضي في شابين صحراويين، دفعهما الحماس إلى الاقتراب من المناطق الملغومة، أصيبا جراءه بجروح، إضافة إلى الجهود التنظيمية التي بذلتها جبهة البوليساريو لمنع تكرار ما حدث من جهة أخرى. وأقام المحتجون جدارا رمزيا افتراضيا، من الأعلام التي كانوا يرفعونها، سموه "الأمل" بينما قارن البعض منهم، بعبارات مناوئة للمغرب، الجدار المشيد من الرمال والأسلاك الشائكة، بذلك الذي شيدته السلطات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويبدو أن السلطات المغربية، باتت تقلل من أهمية سفر ناشطين صحراويين في المجال الحقوقي إلى المناطق الخاضعة للبوليساريو، وربما أصبحت مقتنعة أن منعهم من السفر يعود بنتائج سلبية، أكثر مما لو تركوا أحرارا، يذهبون حيثما شاءوا، مع الإشارة في هذا الصدد إلى أن منظمات شبابية مغربية، أضحت تطالب صراحة بالحوار مع جبهة البوليساريو، رغبة في كسر الجمود القائم. وآخر من تبنت هذا الموقف، شبيبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة) وهو المعروف بتشدده حيال من يسميهم "الانفصاليين" أي البوليساريو. وعلى صعيد آخر، اشتكى ممثل الجبهة الداعية لانفصال الصحراء، في إقليم "كاتالونيا" الإسباني من أسلوب المعاملة الذي باتت حكومة الإقليم تتبعه حياله والحركة التي يمثلها. وقال بهذا الخصوص إن الحكومة المركزية في مدريد تتصرف مع ممثل البوليساريو، بأسلوب مغاير، مشيرا إلى أن هذا الأخير، استقبل من طرف وزير خارجية إسبانيا كما اجتمع بممثلي الحزبين الرئيسين الاشتراكي العمالي والشعبي، الحاكم والمعارض، مبرزا أن آخر تشريف بروتوكولي حظيت به الجبهة، يعود إلى سنوات حينما كان على رأس حكومة "كاتالونيا" الرئيس السابق، باسكوال ماراغال، الذي استقبل مرة محمد بن عبد العزيز أمين عام الجبهة. وتساءل مندوب البوليساريو في الإقليم الإسباني،عن الأسباب التي جعلت المسؤولين في الحكومة المستقلة يتغاضون عن استقبال ممثلي حركته على عكس ما يفعلونه مع الرسميين المغاربة حين يزورون العاصمة برشلونة. وقال بهذا الخصوص هل يكمن السبب في المصالح الاقتصادية المشتركة بين المغرب والإقليم ؟أم يرجع الأمر إلى قوة تأثير الجالية المغربية المستقرة فيه؟ وكشف المسؤول الصحراوي أن رئيس حكومة "الجينيراليتات" خوصي مونتييا،اعتذر في شهر نوفمبر الماضي عن استقبال أمين عام البوليساريو، الذي حضر إلى برشلونة للمشاركة في تظاهرة مساندة لجبهة البوليساريو. تجدر الإشارة إلى أن الإقليم الكاتالوني، سواء في يظل حكومة اليمين الليبرالي، أو اليسار الاشتراكي، كما هو الوضع حاليا، حرص خلال السنوات الماضية على انتهاج سياسة واقعية حيال النزاع الصحراوي، موليا الاهتمام لمصالحه الاقتصادية الكبيرة في المغرب، أكثر من أي اعتبار سياسي ظرفي. تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المغرب، يعتبر صيغة الحكم الذاتي المطبقة في "كاتالونيا" نموذجا، أخذ منه بعض المبادئ وضمنها في مقترحه الخاص بالحكم الذاتي الموسع للمحافظات الصحراوية الجنوبية الذي ترفض جبهة البوليساريو، أن يكون منطلقا للتفاوض بينها وبين المغرب.