أحسّ الكثير من الجزائريين بالفخر ونشوة التعالي، وهم يسمعون الوزير الأول عبد المالك سلال، يقول "الألمان ليسوا أفضل منا". ونظرا للفارق الواقعي وصعوبة إجراء المقارنة بين الدولتين والنظاميين، يُخيّل للسامع أن عبد المالك سلال يُعيد التعليق على مباراة الفريق الوطني والفريق الألماني في كأس العالم بإسبانيا سنة 1982، لأنها الحالة الوحيدة على ما يذكر الجميع، التي كانت فيها الجزائر متفوقة على ألمانيا. وأكيد أن الكثيرين يتفقون مع سلال على أن الألمان ليسوا أفضل منا.. فكلنا أبناء آدم وحواء وكلنا قضينا 9 أشهر في أرحام أمهاتنا.. وكلنا كبرنا وعشنا تحت سماء واحدة، في نفس الكوكب وعلى نفس الأرض وفي نفس المجرة "درب التبانة". والألمان بشر مثلنا ليسوا من الجن ولا مخلوقات فضائية، يأكلون ويشربون ولهم حاجات بيولوجية مثلنا (فقط ملاحظة هنا: الألماني يجد المراحيض العمومية أينما انتقل وفي الجزائر يضيع الزائر في العاصمة ويضطر أحيانا لدخول المقاهي لقضاء حاجته البيولوجية).. ليست الجزائر أقل من ألمانيا، بل الجزائر أفضل من ألمانيا، بحكم الأرقام والتقارير، لو عدّدنا الثروات والمساحة والموارد المادية والبشرية.. فألمانيا لا تملك بترولنا ولا مناجمنا ولا ساحلنا ولا صحراءنا فهي ليست أفضل منا.. فقط ألمانيا، سيدي الوزير الأول، يحكمها نظام ديمقراطي عادل، يحترم المواطن الألماني ولا ينظر إلى شعبه مثلما ينظر نظامنا ل"الغاشي الجزائري"، على أنه قطيع لا يصلح إلا للوقوف في الطوابير يوم الانتخاب، ليستكمل به ديكور واجهة ديمقراطية، يقدمها للاستهلاك الدولي، ويقنع الجميع بكذبة صدّقها مع مرور الزمن هي أن الجزائر بلد ديمقراطي.. المواطن في ألمانيا هو الملك مثل الزبون في مطعم راق يأكل ما يرغب ويختار ما يأكل.. في الجزائر المواطن في مطعم رديء وسيئ السمعة، من حيث نوعية الأكل ومن حيث الاستقبال والخدمة.. المواطن في الجزائر ورقة انتخابية يشتريها النظام وقت الحاجة.. فم يسكته ببعض الدنانير.. ويد يقطعها ببعض الوعود.. لا نسمع في ألمانيا عن مرشح النظام ومرشح الجيش ومرشح "الخضّارين" ومرشح "الشياتين".. في ألمانيا الأحزاب ترشح للشعب، للمواطن الألماني الذي يختار بكل ديمقراطية.. في ألمانيا لا نجد برلمانا يشبه قاعة عرس يحضره أبناء العم والخال والجيران وأولاد "الحومة" و"الدشرة" والعشيرة و"صحاب" الجاه والمال و"الحفافات" والطبالين والرقاصين.. في ألمانيا لا يقود الوزراء حملات انتخابية من أجل مواطن يرى نفسه فوق الجميع.. في ألمانيا لا تغلق الملفات في العدالة ولا تُعلَّق التحقيقات حول الفساد، ولا تنصب اللجان لنكتشف بعدها أنه حتى اللجان ومجالس المحاسبة أصابها الفساد.. أنصحكم، السيد الوزير الأول، أن تقضوا بعض الأشهر في ألمانيا كمواطن، لأنكم ستكونون أحسن من كونكم وزيرا أول في الجزائر، لأن الوزير الأول في ألمانيا موظف لخدمة المواطن، أما في الجزائر التي تشبهونها بألمانيا يُوظف الشعب والوطن كلّه في خدمة رغبات شخص واحد والجماعة التي من حوله.. أنا أوافقكم الرأي، نحن أفضل من الألمان بكثير، نحن دولة عبقرية يقودها نظام خلاق.. نحن، سيدي الوزير، عبقرية بشرية فريدة من نوعها، نعيش وفق نظام طفيلي، انتهازي، مريض يتلون مثل الحرباء وفق الظروف والأخطار والحاجة.. أما الشعب الألماني فيعيش وفق قوانين وأطر ونظام محكم يحترمه الجميع. ألمانيا دولة عظيمة بما ينجزه شعبها تحت قيادة نظامها الديمقراطي بالأرقام والحقائق على أرض الواقع وليس بالخطابات الشعبوية التي لن تغير في الواقع شيئا.. لأن السينما مهما تفوقت يبقى الواقع أكثر صدقا منها.. فيلم رديء جدا وسيئ الإخراج سيدي المخرج.. "الخبر" الجزائرية