نفى علي العريض رئيس الوزراء السابق والقيادي بحركة النهضة التي تقود ائتلاف (الترويكا) الحاكم بالبلاد وجود أي منافسة بينه وبين الأمين العام للحركة ورئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي، حول ترشيح النهضة لأي منهما للانتخابات الرئاسية القادمة. وقال العريض (59عاما ) في مقابلة اجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية من القاهرة "الحركة لم تناقش بعد الانتخابات الرئاسية، ولم تحددما أذا ما كانت ستساند شخصية بعينها تري أنها ستكون مناسبة للمنصب أو تضطر للدفع بأحد من اعضائها لخوض الانتخابات... ولا توجد أي منافسة بيني وبين الأخ الجبالي حول هذا الموضوع... والجبالي هو الأمين العام للحركة وأحد الوجوه الرئيسية بها". وحول الانتقادات العديدة التي وجهت لحكومته خاصة في المجال الأمني من حيث زيادة معدلات الجريمة الجنائية والسياسية وزيادة وتيرة العمليات الأرهابية بالبلاد، وهو الأمر الذي لم يتوقعه التونسيون من رئيس حكومة سبق له شغل حقيبة الداخلية، قال "الثورة بتونس اتاحت مناخا كبيرا من الحريات عند قيامها قابله في الوقت نفسه حالة من الضعف والشلل بأغلب مؤسسات الدولة وتحديدا المؤسسة الامنية التي زاد عليها ضعف الامكانيات وانخفاض الروح المعنوية، ثم هناك الاوضاع التي صارت بليبيا والتي ساهمت في سهولة تهريب السلاح وحرية تنقل العناصر الارهابية". وتابع "الجميع يذكر أن أولى العمليات الإرهابية بدأت في شهر مايو 2011 وأستشهد حينها أثنان من الوحدات الأمنية ومع ذلك لم يصرخ أحد في وجه رئيس الحكومة حينذاك الباجي قايد السبسي... وعندما تولينا المسؤولية لحقيبة الداخلية أولا ثم رئاسة الحكومة في عامي 2012 و2013 عملنا علي تكريس الحريات وتجهيز المؤسسة الأمنية وإصلاحها ومقاومة الجريمة المنظمة وهي كبيرة وملاحقة الفارين من السجون وهم بالألاف وفي نفس الوقت عملنا علي محاربة الإرهاب". وأردف "لقد عملنا بظروف صعبة واجهت فيها كافة الإدارات بالدولة عددا غير قليل من الاعتصامات والمسيرات وقطع للطرق وكل هذا مع حالة الحرية والفارين من السجون ساهم في زيادة حجم الفوضى و الجرائم وقوى نفوذ الضالعين بها ومع ذلك استطعنا نهاية 2012 وخلال 2013 من تفكيك أجهزة التنظيمات الارهابية وبيئتها التنظيمية وتتواصل الجهود اليوم لملاحقة أخر جيوبها والوضع في تحسن". ورفض العريض (وهو مهندس بمجال الشحن البحري وسجين سياسي في عهد الرئيس علي زين العابدين لمدة خمسة عشر عاما) الاتهامات التي وجهت له ولحركة النهضة بالتقصير في ملاحقة العناصر والتنظيمات الارهابية نظرا لوجود علاقات بين بعض قيادات وأعضاء النهضة وبين أعضاء وقيادات تلك التنظيمات الارهابية كما رفض أيضا الاتهامات بالتقصير في حماية بعض المعارضين السياسيين مما تسبب مقتلهم علي يد تلك العناصر كما حدث في حالتي المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وقال "إذا أراد أحد أن يستمع لحملات الكذب التي تستهدف النهضة ووزراءها فسنجد منها الكثير ولكن لا شيء منها صحيح .. وقد عملت خلال شغلي لحقيبة الداخلية وبشكل مستقل وهو ما تكرر أيضا في عهد خليفتي في تلك الحقيبة لطفي بن جدو.. ولا حقيقة لوجود علاقة بين أعضاء بالنهضة وبين هؤلاء الإرهابيين". وتابع " قاومت هؤلاء الارهابيين بعد شغلي لحقيبة الداخلية بأسبوعين عام 2012 واستطعنا إيقاف المئات منهم". وأرجع العريض تأخر إعلان تنظيم أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي إلي شهر أب/ أغسطس الماضي رغم قيام هذا التنظيم باستعراضات كثيرة أرهبت التونسيين إلي عدة عوامل منها الحفاظ علي الموسم السياحي واتخاذ كافة الأحتياطات اللازمة لمواجهة أي رد فعل من قبل هذا التنظيم, مشددا على أنه "على مستوي الممارسة الفعلية، كانت السلطة تتعامل مع أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي منذ عام 2012′′. ولم يفصح رئيس الوزراء السابق عن تقديراته لبقايا تنظيم أنصار الشريعة أو تقديره لحجم تنظيم القاعدة بتونس، مكتفيا بالتأكيد أن كلاهما" ليس له ظهير شعبي يؤيده وأنهما مجموعات صغيرة مشتتة العناصر بين الداخل والخارج وأن كثيرين ممن تأثروا بخطابهم في البداية قد أنفضوا عنهم في مرحلة لاحقة". وشدد علي أن "تنظيم أنصار الشريعة تحديدا في حالة انحسار كلي وأن الأجهزة الأمنية تلاحق عناصره وأذرعه التنفيذية والتمويلية"، محذرا في الوقت نفسه، من أن تلك الملاحقة الأمنية المكثفة لا تمنع امكانية حدوث المفأجات عبر قيام شاب صغير بأرتكاب أي حماقة. كما رفض الأحاديث التي تتردد عن أن رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي هو المؤسس الحقيقي لتنظيم أنصار الشريعة وانه عقد لقاءات مع رئيس هذا التنظيم سيف الله بن حسين الملقب (أبو عياض)، وشدد "لا توجد أي علاقة سياسية بين النهضة وأنصار الشريعة". وأضاف "أنصار الشريعة تنظيم تشكل اخيرا وأهم قياداته الفعلية أطلق سراحها من السجون في العفو التشريعي الذي صار 2011 وبدأوا بالعمل الدعوي في أطار الحرية العامة حينذاك ثم شكلوا التنظيم ولكن بشكل مصغر مستفيدين من بعض العناصر المنتهجة لذات التفكير والرؤى بالجزائر الشقيقة ودول أخرى". ولفت القيادي بحركة النهضة الإسلامية إلى أن الشيخ الغنوشي أحيانا يتوجه إلى أحد المساجد أو المراكز لإلقاء محاضرة ما وقد يتصادف أن يحضرها بعض الشباب المنتمي لهذا التيار أو تكون بعض عناصره موجودة بنفس المسجد أو المكان المخصص للمحاضرة ، مستنكرا أن يعد ذلك دليلا على وجود أي علاقة بين النهضة وأنصار الشريعة خاصة وأنه لا أحد يملك منع هذا الشخص أو ذاك من دخول مسجد أو مكان عام فضلا عن أن النهضة تستهدف محاورة الشباب لإصلاح فكرهم الديني. واستنكر العريض كذلك الاتهامات التي تروج حول وجود شبهات في مقتل القيادي بأنصار الشريعة كمال القضقاضي في الرابع من شباط/ فبراير الماضي والمتهم الرئيسي في اغتيال بلعيد والبراهمي والحديث حول أنه تم التخلص منه سريعا حتى لا يفضح علاقة قيادات بالنهضة بحادثي الاغتيال للمعارضين، قائلا "هذا كله توظيف سياسي عبر بث الشبهات ومحاولة النيل من الحركة ويمكن لأي طرف أن يستفسر من الشعب عن مدى ثقته بالداخلية والقضاء وسيجد أنه لا أثر لتلك المحاولات بالشارع′′. وفي معرض رده على تساؤل حول مسؤوليته عن سفر الكثير من التونسيين خلال العاميين الماضيين لسورية للجهاد هناك بما في ذلك سفر فتيات فيما عرف بجهاد النكاح، قال "نحن تابعنا ظاهرة سفر بعض العناصر العربية من تونس وغيرها لسورية باعتبار ان بعض هذه العناصر هي مجموعات إرهابية أو مجموعات تعرف بالغلو والتطرف.. ولا يزال العمل مستمرا ومضاعفا لأخذ الاحتياطات عند عودة هؤلاء وبأذن الله نستطيع السيطرة عليه خاصة وأنه محل اهتمام ومتابعة من كافة المؤسسات والاجهزة الأمنية". وتابع "منعنا فعليا سفر من توجد قرينة على أنه سوف يتوجه لسورية .. ولكن أحيانا يخرج الشباب تحت حجج مختلفة كالدراسة أو زيارة أقارب أو السياحة لدول كتركيا أو فرنسا أو ليبيا ومن هناك يذهبون لسورية فماذا سوف نفعل حيال هؤلاء هل نمارس القمع ونمنع الجميع ؟.. أما جهاد النكاح.. فهذه مسألة وقع في جانب منها التضخيم والموضوع الأن بيد الأجهزة المختصة ولا أريد الخوض بتفاصيله". وشدد العريض على أنه لا توجد سياسة جديدة تمارس الأن من قبل حكومة خليفته مهدي جمعة تجاه رابطات حماية الثورة، موضحا أن" الرابطات هي جمعيات مدنية حصلت على تأشيرة وجود في عهد حكومتي الباجه قايد السبسي وحمادي الجبالي.. وأن حكومته تصدت قضائيا ولاحقت من خالف القانون من تلك الجمعيات وحكم على بعضها بالتعليق شهرا وحكم على البعض الأخر بالحل وأستمر نشاط جزء آخر منها بشكل عادي". وتابع "حتى عملية القبض التي تمت مؤخرا على رئيس تلك الرابطة بمدينة الكرم عماد دغيج تكررت من قبل حيث تم إيقافه عدة مرات عندما كنت وزيرا للداخلية ورئيسا للحكومة،إلا أن القضاء أطلق سراحه فيما بعد". وينظر كثيرون لرابطات حماية الثورة علي كونها ميليشيا محسوبة على حركة النهضة وهي متهمة باستهداف معارضيها عبر أعمال عنف متعددة. وكانت الشرطة التونسية أوقفت مساء الأربعاء الماضي في مدينة الكرم (شمال العاصمة) عماد دغيج الذي يقدم نفسه على أنه رئيس لجنة حماية الثورة بالكرم بعد الحصول على أذن قضائي، وكان الأخير قد تهجم في شريط فيديو نشره على الإنترنت على نقابات أمن ووصف المنتمين إليها بأنهم "جراثيم ومجرمو وزارة الداخلية" ولوحت النقابة في بيانها بالتصعيد إن لم تقم السلطات بتتبع عماد دغيج أمام القضاء. ونفى العريض الاتهامات الموجهة لحركة النهضة بالتوسع في تعيين اعضائها والمؤيدين لها في الكثير من المواقع بكافة الوزارات خاصة الداخلية والجهاز الإداري للدولة خلال حكومته وحكومة سلفه حمادي الجبالي، وقال "نحن لم نعين الناس في كل المناصب إلا وفق مقاييس محددة أهمها تأييد الثورة والخبرة ونظافة اليد ودون الالتفات للانتماء السياسي للشخص أو الدخول في ضميره". وفي رده على تساؤل حول تفسيره لقيام حكومة مهدي جمعة بتغيير ثمانية عشر محافظا ممن عينوا بعهد حكومتي النهضة اذا ما كان تعيين هؤلاء قد تم بناء على معيار الكفاءة ودون تحيز سياسي, أجاب "ينبغي أن ندرك أن أصعب شىء هو الاتفاق على تقييم شخص ما ولا غرابة أن تكون الآراء مختلفة في هذا التقييم". وتابع "وهناك نزعة عند بعض الأطراف في التوظيف السياسي.. فهم يرفضون استمرار وجود أشخاص ما لمجرد أن النهضة فقط هي من عينتهم.. كما أن تغيير المحافظين يأتي في أطار الاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية حتي لا تكون هناك شكوك بنزاهتهم خاصة بعد حملات الطعن والتشويه التي تعرضوا لها". ويذكر أن عددا من النقابات الأمنية بتونس طالبت بتغيير عدد من قيادات الداخلية بعد العملية الإرهابية التي تعرضت لها مدينة جندوبة (شمال غرب تونس) والتي على أثرها تم إيقاف رئيس المنطقة الأمنية والتحقيق معه بتهمة التقصير. وحول حظوظ النهضة في تحقيق أغلبية في الانتخابات البرلمانية المزمع أجراؤها قبل نهاية العام، قال العريض "النهضة حزب كبير على الساحة ولها حظوظ جدية في أن تحصل على نتائج مقدرة جدا... وأتوقع أن تكون لها كتلة كبيرة في السلطة التشريعية القادمة". وفيما يتعلق بمستقبل تحالفات الحركة وتحديدا مستقبل استمرار تحالف الترويكا من عدمه، قال "الحوار دائر بين أعضاء النهضة ولكن قضية التحالفات لم تحدد بعد ولكننا منفتحون في حوارات متعددة .. وأتوقع أن تونس بالمستقبل لا يمكن أن تحكم من طرف حزب أو حزبين وانما ستحكم من قاعدة واسعة أي حكومة تتحالف فيها ثلاثة أو أربعة أحزاب، فقناعتنا أن السلطة القادمة لا تزال تحتاج للتوافق".