بعد يوم واحد من اعلان رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي بأنه لن يذهب الى الجمعية التأسيسية لتأمين موافقتها على حكومة تكنوقراطية يتمسك بتشكيلها، دعا شباب حركة النهضة الى تظاهرة بعد ظهر السبت في تونس للدفاع عن "شرعية الجمعية الوطنية التاسيسية". ويعكس هذا التحرك داخل الحركة الاسلامية الحاكمة انشقاقا أخذ يتسع بين التيار المتشدد المؤيد لرئيس الحركة راشد الغنوشي الذي يرفض التخلي عن الحقائب السيادية والمهمة وتيار امينها العام الجبالي الساعي الى قيادة حكومة كفاءات بعيدة عن التجاذب السياسي المباشر.
وزاد على اجواء التوتر التي تعيشها تونس اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، الذي فجر موجة من الاحتجاجات وشكّل سابقة خطيرة في التاريخ السياسي المعاصر في تونس.
ويرتقب ان تنطلق التظاهرة في جادة الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية التي شهدت في الايام الماضية اعمال عنف بين معارضين غاضبين ورجال شرطة بحسب بيان صادر عن حركة النهضة.
وسيكون شعار التظاهرة "الدفاع عن شرعية الجمعية الوطنية التأسيسية" ومكافحة "العنف" السياسي وكذلك معارضة "التدخل الفرنسي" للتنديد بتصريحات وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس.
وأعلن حمادي الجمعة تمسكه بتشكيل حكومة تكنوقراط، رغم رفض حزبه، وانه لن يذهب الى المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) للحصول منه على "تزكية" لهذه الحكومة.
ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن الجبالي قوله "أنا متمسك بقراري بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط، ولن أذهب الى التأسيسي لتزكيتها، وتركيبة هذه الحكومة جاهزة تقريبا".
وأعلنت حركة النهضة اكثر من مرة رفضها خطة الجبالي لتشكيل حكومة "غير سياسية".
ويتمسك الغنوشي بألا تنفتح التركيبة الجديدة للحكومة إلا على "الأحزاب القريبة من النهضة" وهي أحزاب لا تحظى بثقل سياسي يذكر فيما يحاول الجبالي الانفتاح على المعارضة وإشراكها في إدارة المرحلة الانتقالية من خلال تعيين شخصيات سياسية علمانية في مسعى لانتشال حكومته من عزلتها وتخفيف الضغط السياسي عليها.
وكان الجبالي اعلن الاربعاء قراره تشكيل "حكومة كفاءات وطنية لا تنتمي الى اي حزب، تعمل من اجل (مصلحة) وطننا" وذلك بعد اغتيال بلعيد بالرصاص امام منزله في العاصمة تونس.
ويكشف هذا الخلاف الحاد عن عدم قدرة النهضة على المحافظة على وحدتها مع وجود تيارين ينفصلان تدريجيا مع تولي الحركة الاسلامية مقاليد الحكم في تونس بعد الاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل سنتين تقريبا.
وتسود تجاذبات حادة بين تيار القيادات التي عاشت في الخارج طيلة أكثر من عشرين سنة وتفتقد لمعرفة ميدانية دقيقة للواقع التونسي الذي تنظر إليه من زاوية التقارير الدولية وبين تيار قيادات الداخل التي واكبت تحولات المجتمع التونسي وتتبنى رؤية براغماتية منفتحة ترى أنها ضرورية لتأمين نجاح الحركة في عملية إدارة المرحلة الانتقالية.
وينتصر التيار الأول للمرجعية الدينية والروحية للحركة ويقوده راشد الغنوشي فيما ينتصر التيار الثاني للبراغماتية السياسية والانفتاح على القوى الوطنية والديمقراطية ويقوده حمادي الجبالي. ميدل ايست أونلاين