وصف محللون عمار سعداني، بأنه ضحية عدم اتقانه اللعبة السياسية التي تقتضي دائما وقوع ضحايا، واعتبروا رسالة الرئيس بوتفليقة، بأنها مناورة تزامنت مع رسالة حمرش، الذي قد يكون أحد أطراف صفقة هدفها الأساسي قطع الطريق أمام بن فليس، من قبل محيط الرئيس. وتأسف المحلل السياسي والعضو القيادي السابق، في جبهة القوى الاشتراكية أرزقي فراد، لكون رسالة الرئيس تضمنت مناورة، لأنه لا يمكن التصور بأن سعداني، المسؤول عن الأفلان، "ولا أقول الأمين العام"، وهو الشخص الذي خرج من رحم النظام ومنضبط، يتكلم ويقصف العمود الفقري للنظام، فكيف يفعل ذلك من تلقاء نفسه؟ كما لا يمكن التصور حسب فراد أن الرسالة التي وجهها سعداني، لآيت أحمد كانت من تلقاء نفسه، متسائلا: "كيف يوحي الرئيس أو محيطه بالقصف، ثم يخرج رسالة يبرر بها تصريحات سعداني". ويرى أرزقي فراد، بأنه ثمة طارئ في الساحة السياسية، وهو بيان رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، الذي أعلن عن نفسه بأنه نتاج النظام، وهذا معناه بأنه لا يستطيع انتقاد النظام، ويطرح هنا المتحدث بعض التساؤلات، منها لماذا أصدر حمروش البيان، وهل طلب منه ذلك، وهل هو عنصر في معادلة الرئاسيات، ليصل إلى نتيجة مفادها بأن الغموض ما يزال مسيطرا، لذلك فإن لا أحد يملك الجواب، لكن في تصوره فإن هناك قاسما مشتركا بين الرئيس بوتفليقة، وزعيم الأفافاس حسين آيت أحمد، وهو الاحترام المتبادل لمولود حمروش، الذي سكت طيلة 15 سنة كاملة دون أن ينتقد بوتفليقة، علما أن رجل الإصلاحات كان من بين الأسماء المرشحة لخلافة أيت أحمد، على رأس الأفافاس وفق تأكيد فراد، الذي قرأ في سكوت هذا الحزب التاريخي، وعدم انتقاده للنظام، احتمال وجود صفقة مع زعيم الأفافاس وبوتفليقة، "لأن هذا السكوت ليس عاديا". وأكد المصدر بأن محيط الرئيس، سيبذل المستحيل لغلق الطريق أمام بن فليس، خوفا من الانتقام، وهو أهم انشغال يؤرق محيط بوتفليقة، ومن بين المعالم التي توحي بأن حمروش، سيكون البديل، تحدثه عن الجيش في رسالته التي لم تحمل وفق اعتقاد ارزقي فراد، أي أرضية ديمقراطية، لأنه تحدث عن توازنات بين المناطق والجهات والأقليات، وهي سمات النظام الشمولي، "بل أضاف مصطلحا خطيرا في بيانه وهو الأقليات"، وهذا يدل حسبه على أن حمروش يحمل ثقافة النظام، "لذا لا خير ينتظر منه في خدمة الديمقراطية". ويقول البروفيسور في العلوم السياسية، قوي بوحنية، بأن توقيت رسالة الرئيس كان مدروسا ومقصودا، لأنها صدرت بعد لغط سياسي كبير حول دور المؤسسة العسكرية، ومكانتها في النظام السياسي، وعلاقتها بمؤسسة الرئاسة، ليؤكد بأن دائرة الاستعلامات هي جزء من المؤسسة العسكرية، معتقدا بأن رسالة الرئيس موجهة لأطراف بعينها، وللجهات التي سوّقت هذا الخطاب، بعد أن رأى بأن الأمور تعفّنت، وتساءل الأستاذ بوحنية، عن كيفية إصرار سعداني، على أن الرئيس لا يقصده، مع أنه هو الوحيد الذي تكلّم عن الجيش، رغم أنه خارج المؤسسة العسكرية ولا ينتمي إليها، وفي رده على استفسار يتعلق بسبب إقدام الأمين العام للأفلان، على الإدلاء بتلك التصريحات، قبل أن تنقلب عليه الأمور، قال المتحدث بأنه في العملية السياسية دائما ما يكون هناك أشخاص يمارسون السياسة، وأشخاص يكونون ضحايا لأنهم لا يحسنون إدارة العملية السياسية، وقد تحول سعداني، من دور البطل إلى الضحية، بعد أن تم الزجّ به في لعبة لا يتقنها "لأنه في السياسة هناك تضحيات لإخراج تسويقات غرضها ضمان الاستمرارية"، مصرا على أن سعداني، يمثل اتجاها في الأفلان، وكذا في النظام السياسي للحزب. وتوقع البروفيسور في العلوم السياسية، أن يصدر الرئيس بيانا جديدا يحدد فيه موقفه من الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويفصل في قضية الترشح، ورجّح فرضية اختيار حمروش، كبديل في حال لم يتقدم الرئيس للاستحقاقات المقبلة، بدعوى أنه ابن النظام ولم تحدث له مشاكل معه.