استبعد محام جزائري معروف بالدفاع عن قضايا الجالية الجزائرية في فرنسا، تطبيق قانون يجري التحضير له يهدف إلى متابعة الفرنسيين المتورطين في جرائم الاستعمار، بسبب الاتفاقيات التي أفضت إلى استقلال الجزائر، والتي تمنع متابعة الجنود الفرنسيين في القضاء. وقال خالد لصبر، محامي الجالية الجزائرية في فرنسا، ل«الشرق الأوسط»، إن «قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر» الذي يجري الإعداد له من طرف مجموعة من البرلمانيين الجزائريين، لن يكون له أي أثر في حال المصادقة عليه. والسبب يعود إلى مواد تضمنتها «اتفاقات إيفيان» التي أنهت احتلال فرنسا للجزائر عام 1962، والتي تمنح عفوا شاملا لكل الجنود الفرنسيين الذين شاركوا في الحرب (1954 - 1962). ووقع وفد من «جبهة التحرير الوطني» التي قادت مفاوضات الاستقلال، مع وفد من الحكومة الفرنسية في مارس (آذار) 1962 اتفاقات أنهت احتلالا دام 132 سنة. وقال المحامي إنه يتساءل: «هل يجهل البرلمانيون الجزائريون هذه الجزئية؟»، يقصد ما تتضمنه اتفاقات الاستقلال. وأضاف: «وإذا كانت السلطات الجزائرية تتبنى مشروع قانون تجريم الاستعمار، يصبح الأمر أخطر، لأنها في هذه الحالة دعمت مسعى يتعلق بذاكرة شعب بكامله، وهي تعلم أن مصيره الفشل». يشار إلى أن مقترح القانون يتناول أيضا تعويض ضحايا الاستعمار، وتقديم فرنسا الاعتذار رسميا عن سنوات الاحتلال. ودافع لصبر عن محمد زيان حسني، مدير التشريفات بوزارة الخارجية، العام الماضي في باريس، عندما وضعه القضاء الفرنسي تحت الرقابة القضائية، واتهمه باغتيال ناشط سياسي معارض يسمى علي مسيلي (مقيم بفرنسا). ووقعت الجريمة في 1987. وتسبب احتجاز حسني شهورا طويلة، في أزمة حادة بين البلدين. كما رفع لصبر دعوى ضد زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبين، الشهر الحالي بسبب إعلان انتخابي ظهرت فيه خريطة فرنسا يغطيها علم الجزائر وفوقها منارات مساجد في شكل صواريخ، وكتب على الإعلان: «لا للإسلاموية». وتمت متابعة لوبين بناء على إلحاح جمعيات جزائرية مهتمة بمشكلات الجزائريين المقيمين في فرنسا. وتتوقع مصادر سياسية في الجزائر، فشل مسعى تمرير مقترح «قانون التجريم» في البرلمان، على أساس أن السلطات لا تبدي تحمسا للموضوع. وأفاد قيادي من حزب الأغلبية (جبهة التحرير الوطني)، طلب عدم نشر اسمه، ل«الشرق الأوسط»: «إننا في حزبنا ندرك أن الحكومة تضع حدودا معينة عندما تكون البلاد في أزمة مع فرنسا، أعني أن أشخاصا نافذين في السلطة يملكون مصالح في فرنسا تدفعهم إلى الوقوف حائلا دون تدهور العلاقة مع الفرنسيين، حفاظا على هذه المصالح». وأبدى الوزير الأول الجزائري تحفظا على مقترح القانون، واتهم في اجتماع للحزب الذي يرأسه الأسبوع الماضي، البرلمانيين الذين يقودون المبادرة ب«المزايدة السياسية»، يقصد نواب حزب «جبهة التحرير» الذي يعتبر المنافس الأول لحزبه «التجمع الوطني الديمقراطي». وقال أحمد أويحيى في الموضوع: «عندما نحترم بعضنا بعضا سيحترمنا الآخرون، والآخرون لن يقدموا لنا هدايا»، وفهم البعض كلام أويحيى بأن فرنسا لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال المصادقة على القانون.