تواجه دول الاتحاد الأوروبي خلال هذا العام الجديد تحديا كبيرا يتجلى في انتخابات البرلمان الأوروبي التي تأتي في ظل ظروف استثنائية، وستبرز مدى إقبال أو تراجع تشبث الأوروبيين بالوحدة التي يهدفون إليها بسبب عوامل على رأسها الأزمة الخانقة التي يعاني منها الكثير من الدول وكذلك عودة شبح الحركات القومية اليمينية المتطرفة. ورغم أن الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي ستجرى في أواخر ايار / مايو المقبل وفي وقت كانت هذه الانتخابات تعتبر ثانوية نسبيا إلا أن هذه المرة تكتسي أهمية خاصة وتحظى باهتمام الأحزاب السياسية والمحللين السياسيين بشكل كبير لم يسبق له مثيل. وفي هذا الصدد، كتبت جريدة ‘الباييس′ في عدد أمس أن الاتحاد الأوروبي خلال 2014 سيواجه تحديات وعودة الماضي بقوة المتمثل في عودة الحركات القومية اليمينية في معظم الدول. وعاشت مختلف الدول الأوروبية وصول اليمين الى البرلمانات الوطنية في الانتخابات التشريعية السابقة مثل هولندا وبلجيكا واليونان والنمسا بل وتكاد الجهة الوطنية الفرنسية بزعامة ماري لوبين أن تصبح القوة الأولى في بلد بوزن فرنسا. وتبرز التحليلات التي نشرتها الصحف الأوروبية الكبرى مؤخرا مثل الباييس ولوموند وريبوبليكا ودير شبيغل أن هذه الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي في ايار قد تشهد حضورا ملفتا لليمين القومي المتطرف. وهذا الحضور سيكون له تأثير على العديد من القرارات، إذ قد يلقي بتأثير على السياسة الخاصة بالهجرة وحول ملفات تتعلق بحقوق الأقليات ومنها الإسلام والاتفاقيات الدولية بحكم أن هذه الأحزاب المتطرفة تدعو الى إضعاف وحدة الاتحاد الأوروبي واستعادة الدول للكثير من سيادتها التي فقدتها لصالح المفوضية الأوروبية. وتبرز جريدة لوموند الفرنسية في عدد أمس أن الأحزاب التقليدية قد تؤدي فاتورة مرتفعة في انتخابات البرلمان الأوروبي أمام القوى الشعبوية والمتطرفة التي قد تنتعش بصورة مذهلة على حساب ملفات مثل الهجرة. ويقول زعيم التجمع الليبرالي في البرلمان الأوروبي غيي فيرهوسفستادت وهو رئيس سابق للحكومة البلجيكية ان الاتحاد الأوروبي له مسيرة تتجاوز 60 سنة، ولكنه ابتداء من عام 2014 سيعاني من المعارضين لأوروبا موحدة قوية، في إشارة الى بريطانيا التي ترغب في الانسحاب من الاتحاد ثم الحركات المتطرفة التي ترغب في إفراغ الاتحاد من محتواه السياسي وتتركه على شاكلة تجمع خبراء وتقنيين. ويكتب المحلل لويس دونسيل أن الانتخابات الأوروبية المقبلة ستكون منعطفا لأنها ستحكم على الاتحاد بأن يختار وجهة معنية أو أخرى. ويرى محللون آخرون أن هذا يحدث قي وقت تعرف فيه تكتلات إقليمية أخرى مثل أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا قوة وصلابة. ومن سوء حظ المدافعين عن الوحدة الأوروبية أن أفقر وأضعف الدول والتي تعاني من أزمات قاتلة جعلت اقتصادها ينهار هي التي ستترأس الاتحاد الأوروبي عام 2014، اليونان التي تولت رئاسة الاتحاد منذ أول أمس الأربعاء ثم البرتغال في النصف الثاني من السنة.