أعلن «بيت الشعر» في المغرب عن فوز الشاعر الفرنسي إيف بونفوا بجائزة «الأركانة» العالمية للشعر لعام 2013 في دورتها الثامنة. وجاء في بيان ل«بيت الشعر» أن النتيجة جاءت بعد إجماع بين أعضاء لجنة التحكيم على منح الجائزة للشاعر الفرنسي، الذي «منح الإنسانية، من خلال تجربته الفريدة، شعرا ذا بعد إنساني عميق، وتمكن عبر أعماله الشعرية والنقدية، منذ انضمامه إلى السورياليين الفرنسيين إلى اليوم، من تجسيد صورة الشاعر الحقيقي المهووس بكتابة لا تخلو من المخاطر والتحديات». وضمت لجنة تحكيم الجائزة، التي تنظم بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، وبتعاون مع وزارة الثقافة، من الشاعر عبد المجيد بنجلون رئيسا، ومن الناقد عبد الرحمن طنكول، والشعراء دانييل لوفيرس وحسن نجمي ونجيب خداري ورشيد المومني ورشيد خالص، أعضاء. وسبق لكل من الشاعر الصيني بي داو والشاعر المغربي محمد السرغيني، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، والشاعر العراقي سعدي يوسف، والشاعر الإسباني أنطونيو غامونيدا، والشاعرة الأميركية مارلين هاكر، والشاعر والكاتب المغربي الطاهر بن جلون، أن فازوا بالجائزة، في دوراتها السبع السابقة. وأحدثت جائزة «الأركانة» العالمية للشعر من طرف «بيت الشعر في المغرب» عام 2002. واستوحت الجائزة اسمها من شجرة «الأركان» الشهيرة، التي لا تنبت إلا في المغرب للشاعر الفرنسي، وعلى «خاصيته المميزة كصانع للغة»، وهو الذي أثار، بصفة المحاضر والناقد الجمالي، أسئلة حارقة حول الشعر، بل تعداه ليشمل الحوار الذي يقيمه هذا الجنس مع الأجناس الإبداعية الأخرى كالموسيقى والفن التشكيلي، مبرزا أن بونفوا قد تمكن، بنجاح، من «تحقيق كتابة منسجمة ومتجددة باستمرار». كما أشاد «بيت الشعر» بتجربة هذا الشاعر «الذي يقاوم في الآن نفسه غواية اللغة وإغراء اللامنتهى، من جهة، وكمال العالم الذي يفتنه، من جهة أخرى»، عادا أن هذه «الزاوية الحرجة التي يتخذ منها بونفوا مكانا لصوته تجعل شعره يتأرجح بين القول الشعري والتأمل النظري، فيظل وثيق الصلة بأشياء الحياة البسيطة حيث يغدو فضاء انبجاس الشعر فضاء يتجدد فيه الواقع عبر كيمياء الكلمات». وتوسع «بيت الشعر» في تعداد مناقب الشاعر الفرنسي، مشيرا إلى أنه «اشتغل بجهد كبير على اللغة كمادة ليخلق منها شعرا يمنحه تفردا وعمقا خاصين. فرغم الانبهار باللامرئي، فهو لا يتغاضى عن دينامية الحسي كما تتجلى في آنية وبساطة الأشياء. إنه شاعر الحضور بامتياز، فهو يعبر بشعره عن ذاته بالقرب من الكائن والأشياء. وبعد مراحل من الارتياب والعراك، ومن التخلي والقبول، فإنه يحتفي اليوم ببيان القول». وأثنى «بيت الشعر» على تجربة بونفوا، الذي «أصر دوما على قياس قوته وضعفه كإنسان، هو الذي أثبت قدرته على أن يجعل من كل كلمة حدثا، بل وجودا له، حيث مكّنه هذا التصادم المرهف من أن يقيم سبيكة لحام بين المفكر والفكرة. فالشاعر الذي يعبر بهذه الطريقة عن انبجاس الأشياء والصدى الذي تحدثه بين الكلمات يصبح بدوره ذاك الوعاء الذي تصب فيه الكلمات قبل أن تتغير هيئتها وتتبدى للقارئ». وخلص «بيت الشعر» إلى أن درس الأمل الذي يقدمه بونفوا، من دون قصد أو عن دراية، في شكل أشبه باحتفالية الهبة والعطاء، يتمثل في أن «الشعر هو الذي ينقذ الإرث الإنساني من الضياع، إذ من دونه فهو منذور حتما للضياع». ولد بونفوا في مدينة تور بفرنسا، في يونيو (حزيران) 1923، من أب كان يشتغل في مصلحة السكك الحديدية، وأم ممرضة، ثم صارت معلمة. وانتقل في 1943 إلى باريس، حيث تعرف على مجموعة من الشعراء السورياليين وصاحبهم، قبل أن يبتعد عن السوريالية في 1947، لينكب على دراسة الفلسفة في «السوربون»، ويسافر خارج فرنسا، لدراسة تاريخ الفن، ثم العمل في التدريس الجامعي، قبل أن ينتخب في 1981، أستاذا في «كوليج دو فرانس»، حيث ترأس قسم الوظيفة الشعرية المقارنة. ومن بين أعمال بونفوا الشعرية، نجد «قول في عازف البيانو» (1946) و«ضد أفلاطون» (1962) و«حجر مكتوب» (1965) و«في خديعة العتبة» (1975) و«شارع ترافيسيار» (1977). كما أنه له كتابات ودراسات نقدية وترجمات لعدد من أعمال شكسبير. وسبق لبونفوا أن حصل على عدد من الجوائز تقديرا لتجربته الشعرية وقيمته الأدبية، بينها جائزة «الإكليل الذهبي» (1999)، وهي جائزة سنوية لمهرجان أمسيات «ستروغا» الشعرية (جمهورية مقدونيا)، تمنح، منذ سنة 1966، «لشاعر ذي شهرة عالمية على قيد الحياة على شعره وأفعاله»، وهي على شكل إكليل، مصنوعة يدويا بالكامل من الذهب.