ذكر تقرير صادر عن مجلس المحاسبة الجزائري أن السياسية الاقتصادية المنتهجة من طرف الحكومة خلال السنوات الأخيرة خطيرة على مستقبل البلاد، المهددة بالإفلاس إن تواصلت سياسة الإنفاق على هذا النحو، مشيرا إلى أن هناك اختلالات كبيرة في عملية منح الميزانيات الخاصة ببعض القطاعات، مثل الأشغال العامة والثقافة. التقرير الخاص بتسيير ميزانية سنة 2011، تم تسريبه إلى الصحافة التي تناولته على نطاق واسع، علما وأن تقارير هذه الهيئة الاستشارية يتم عادة التكتم عليها بشكل كبير، كما أن هناك شبه قناعة لدى المراقبين بأن هناك نية لتغييب دور مجلس المحاسبة. وجاء في تقرير مجلس المحاسبة أن هناك حمى للإنفاق وتراجع رهيب للإنتاج المحلي، رغم التحذيرات التي أطلقت هنا وهناك من أجل وضع حد لسياسة الإنفاق، والتي استخدمتها الحكومة كسياسة لشراء السلم الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع فاتورتي الاستيراد والاستهلاك. وأكد على أن الحكومة مطالبة بترشيد عملية صرف المال العام، تحسبا لأي تقلبات ظرفية غير متحكم فيها، في إشارة إلى أسعار النفط التي تعيش عليها الجزائر. وذكر التقرير أن الغموض يكتنف أوجه إنفاق الميزانيات الممنوحة لعدة قطاعات وزارية، مثل وزارات الثقافة، والصحة والأشغال العامة، والتي حصلت على ميزانيات ضخمة، لكن عملية صرف هذه الميزانيات يكتنفها الكثير من الغموض. جدير بالذكر أن هذا التقرير يخص مشروع ميزانية سنة 2011، والجميع يعلم في الجزائر أن الإنفاق تزايد بشكل لافت للانتباه منذ ذلك التاريخ، علما وأن الجزائر بدأت تعرف حركات احتجاجية منذ يناير/ كانون الثاني 2011، والتي اجتاحت الكثير من القطاعات، الأمر الذي جعل السلطة تلجأ لسياسة وضع اليد في الجيب من أجل إخماد هذه الاحتجاجات، وهو ما أدى إلى تضخم ميزانية الدولة، والمقلق بسبب الخبراء هو تراجع إنتاج الجزائر من النفط والغاز، والتي تعتمد عليها البلاد في مداخيلها بنسبة تفوق ال98 بالمائة، إضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع، بسبب التهديدات الإرهابية من جهة، وبسبب الاضطراب في المنظومة القانونية الخاصة بالاستثمار، فالحكومة تنام على قانون وتصحو على آخر، وبحسب رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور فإن الجزائر ستكون بحاجة إلى برميل نفط ب 160 دولار خلال السنوات القليلة القادمة من أجل التمكن من دفع الأجور وضمان تسديد فاتورة الاستيراد، وهو سعر شبه مستحيل في ظل الظروف الحالية، وإلا فإنه سيكون من الصعب تفادي الانفجار الاجتماعي.