فجرت عضو في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بليبيا مفاجأة كبيرة، بعدما أصبحت أول برلمانية في العالم تحمل قنبلة يدوية في حقيبة يدها الخاصة، كسلاح شخصي لحمايتها. وقالت سعاد سلطان، عضو البرلمان عن العاصمة الليبية طرابلس، ل«الشرق الأوسط»، إنها «لجأت إلى حمل القنبلة اليدوية بعدما خطف ابنها في الأيام الماضية وتهديدها»، مضيفة: «أصبحت أحمل هذا السلاح للحماية الشخصية.. للعلم، فإن (المؤتمر) لم يوفر الحماية الشخصية لأعضائه». وباتت سعاد حديث ليبيا، بعد الجدل الذي أثير حول اكتشاف حملها القنبلة اليدوية خلال عبورها البوابة الإلكترونية للمجلس المحلي للعاصمة طرابلس، لحضور أحد الاجتماعات أول من أمس. وقال مجلس المدينة، في بيان بثه عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إنه «أثناء دخول العضو لمقر المجلس لحضور اجتماع وضعت حقيبتها داخل جهاز كشف الأسلحة والمتفجرات، فأطلق الجهاز صافرة الإنذار، ومن ثم تقدم مسؤول الأمن وسألها عن ما هو موجود في حقيبتها، فأجابته بوجود قنبلة يدوية (رمانة) وأنها تستعملها للحماية الشخصية.. فسلمتها له ودخلت لحضور الاجتماع». وأضاف البيان: «قام مسؤول الأمن بالاتصال بالجهات الأمنية المعنية وأرسلت مديرية أمن طرابلس (البحث الجنائي)، وأثناء خروجها (النائبة) طلبت تسليم القنبلة لها، ولكن مسؤول الأمن رفض ذلك لحين وصول (البحث الجنائي)، مؤكدا أنه لا صحة للأخبار التي تفيد بأن العضوة محتجزة أو موقوفة من قبل النائب العام». لكن سعاد سلطان أكدت في المقابل تفاصيل ما حدث من جانبها، قائلة: «في هذا اليوم، ذهبت للاجتماع ورئيس مجلس طرابلس مع بعض الأعضاء، وعند دخولي المبنى أخرجت الرمانة (القنبلة) من حقيبتي وسلمتها إلى الأمن، وقلت لهم: أعطوني إيصالا بالتسلم، قالوا لي: عند خروجك سوف نردها لك». وتابعت: «عند خروجي من الاجتماع، فوجئت باتصال مدير رئيس المجلس بكل من مديرية أمن طرابلس والنواصي و(غرفة عمليات ثوار ليبيا) وجميع الأجهزة الأمنية بطرابلس للتحقيق معي». وقالت سعاد ل«الشرق الأوسط»: «للعلم، عندي تصريح بحمل السلاح.. ولدي حصانة دبلوماسية.. وللعلم، من كان وراء كل هذا التصعيد رئيس مجلس طرابلس (السادات البدري) بشهادة مدير مكتبه». في غضون ذلك، استبقت ميليشيات مسلحة مظاهرة شعبية اليوم (الجمعة) في العاصمة الليبية للمطالبة بإخراجها وإنهاء كافة المظاهر المسلحة من المدينة، بإعلان تسليم مقراتها إلى الحكومة الانتقالية ووزارة الدفاع، في محاولة لمنع أي اعتداء محتمل على هذه المقرات. ويستعد سكان العاصمة اليوم لمظاهرة حاشدة جديدة على غرار المظاهرة التي خرجت الأسبوع الماضي وشهدت سقوط مئات القتلى والجرحى، إثر إطلاق ميليشيات مسلحة النار على المتظاهرين العزل في منطقة غرغور بشرق المدينة. لكن السلطات الليبية نشرت الآلاف من قوات الجيش والشرطة في كافة ضواحي المدينة وتعهدت بضمان سلامة المتظاهرين، كما سيقوم سلاح الجو الليبي بطلعات جوية في سماء العاصمة تضامنا مع مظاهرات سكانها من أجل إخراج التشكيلات المسلحة كافة منها. وعادت الحياة الطبيعية إلى شوارع طرابلس التي تشهد تجمعات يومية لسكانها للمطالبة بطرد الميليشيات المسلحة التي هيمنت على مقدرات المدينة منذ إعلان تحرير العاصمة وسقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي قبل نحو عامين. وقال علي زيدان، رئيس الحكومة، خلال حضوره مراسم تسليم قاعدة أمعيتيقة لرئاسة أركان القوات الجوية: «عندما نقول إخلاء مدينة طرابلس من المجموعات المسلحة فسيشمل هذا كل المجموعات دون استثناء، ولن يكون هناك استثناء لأحد.. والجميع ينبغي أن يسلم المعسكرات والمرافق إلى الجيش والشرطة وللدولة»، مؤكدا أن «السلاح لا ينبغي أن يكون إلا لدى الدولة.. وهذا ما سيكون». وأضاف: «هذا القرار سيسري على مناطق الوطن كافة دون استثناء، وأمس شهدت طرابلس تسليم الكثير من المرافق المشابهة لهذا المكان إلى الدولة»، داعيا المواطنين كافة إلى أخذ الحيطة والحذر. وتابع أن «هذا الأمر وضعنا أمام تحد مهم، ينبغي أن تتحمله القوات المسلحة والشرطة، في حماية أمن المواطن، وينبغي أن يتحمل المواطنون، بمن فيهم الثوار». ولفت رئيس الحكومة إلى أن مسؤولية حماية الأمن تعني الانضباط والتزام كافة التعليمات التي تصدر من الجيش والشرطة للمواطنين وعدم مخالفتها، وأن يكون المواطنون مراقبين للمشهد الأمني وأن يكونوا مخبرين للوطن، ولا يسمحوا لأحد بأن يعبث بالوطن وأن يبلغوا عن أي مظاهر غير مألوفة. وشدد على أن هذه خطوة مهمة في سبيل بناء الدولة وتوطيد أركانها وتعزيز دورها في إرساء دعائم القانون، عادا صدور قراري المؤتمر الوطني العام 27 و53 يعني أن الإرادة الوطنية قررت أن تنهي المظاهر المسلحة في مدينة طرابلس وفي المدن كافة. وتسلمت وزارة الدفاع، أمس، معسكر اليرموك الذي كان يشغله لواء الشهيد محمد المدني، بينما وصف عبد الرزاق الشباهي، المتحدث باسم وزارة الدفاع، تسلم مواقع لواء القعقاع ومعسكر اليرموك، بأنها خطوة إيجابية تسجل لوزارة الدفاع والجيش الليبي، وستساهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالعاصمة. وقال العقيد علي الرجباني، في رئاسة أركان حرس الحدود بالجيش الليبي، إن القادة الميدانيين للواء الأول لحرس الحدود والأهداف والمنشآت الحيوية والاستراتيجية استجابوا لنداء أهل طرابلس الكبرى، وقرروا تسليم الموقع وجميع آلياته وانضمام أفراده إلى رئاسة أركان حرس الحدود وسيجرى إخلاء المكان وتسليمه لرئاسة أركان الجيش الليبي. لكن «جمعية الدعوة الإسلامية» نفت في بيان لها انسحاب كتيبة الصواعق من مقرها، وقالت إنها ما زالت موجودة داخل مقر الجمعية، في وقت عرضت فيه بعض القنوات الخاصة الليبية لقطات لحفل قالت إنه «يتعلق بتسليم المقر، حيث ظهر عشرات الجنود بزيهم الرسمي». وعكس تعليق لوكالة الأنباء الليبية الرسمية شكوك المواطنين في مدى جدية الكتائب في الانسحاب بالفعل من مقراتها بطرابلس، مشيرة إلى أن «الليبيين كافة والعالم معهم يترقبون ويتأهبون اليوم الجمعة لعل التشكيلات والميليشيات المسلحة كافة التي ما زالت تتمركز في العاصمة متخفية وراء تسميات كثيرة خارج سلطة الدولة والقانون، تعي الدرس جيدا وتنسحب طواعية بسلام وأن تدرك أن معاركها المسلحة انتهت منذ 20 أغسطس (آب) عام 2011». من جانبهم، تعهد عدد من أعضاء «المؤتمر الوطني» خلال اجتماع مع رئيس وأعضاء المجلس المحلي لطرابلس أمس، بتسخير الإمكانات المتاحة كافة لاستتباب الأمن في العاصمة وفي المدن كافة والعمل على بناء مؤسسات الدولة.