بالصور.. الرباط تتزين بالأعلام الوطنية والفرنسية لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون    رجاء بني ملال يؤكد معاناة مولودية وجدة والصديقي ينجح في اختباره الأول رفقة يوسفية برشيد    النقابة الوطنية للصحافة تطالب "اللجنة المؤقتة" بالسحب الفوري للنظام الخاص ببطاقة الصحافة    بينهم نبيل عيوش والطاهر بنجلون.. كتاب وفنانون يرافقون ماكرون في زيارته للمغرب    جنوب إفريقيا تقدم اليوم ملفا ل"العدل الدولية" لإثبات اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة    زيارة ماكرون.. مطالب باعتذار رسمي عن الجرائم الاستعمارية بالمغرب والكف عن دعم الإبادة الصهيونية    زياد فكري ل"برلمان.كوم": أكاديمية محمد السادس لكرة القدم نموذج للانضباط وصناع الأبطال    توقعات ببلوغ نسبة الاعتماد على الطاقات المتجددة بالمغرب ل 56 في المائة سنة 2027    الأمطار الأخيرة تنعش حقينة سدين ب 32 مليون متر مكعب    استعدادات في الرباط لاستقبال كبير للرئيس ماكرون وترقب توقيع اتفاقيات.. ومكاسب سياسية لصالح الصحراء    صلاحية خطة التنمية المستدامة انتهت فهل من مسرحية جديدة؟    العراق يحتج على استخدام إسرائيل أجواءه لمهاجمة إيران    خارجية إيران تتوعد إسرائيل ب "رد حازم"    "إكس" توقف حساب المرشد الأعلى الإيراني بعد منشور بالعبرية    "سبيس إكس" الأمريكية تطلق 22 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء        أسعار الصرف .. الأورو والدولار تحت المجهر أمام الدرهم    في غياب ميسي ورونالدو.. العالم على موعد اليوم الاثنين مع إعلان جوائز "الكرة الذهبية 2024"    العثور على جثة شخص عالقة في شباك قارب صيد بسواحل الحسيمة    توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين    استمرار معاناة ضحايا الزلزال بتارودانت يجر لفتيت للمساءلة    منتخبو العدالة والتنمية يطالبون الوالي أمزازي بالتّدخل لتصحيح اختلالات جماعة أكادير    قنصلية مورسيا تستغني عن حارس أمن اسباني عنّف مهاجر مغربي    جمعية الريان تساهم في محاربة الهدر المدرسي بالمغرب    سعيدة فكري تكشف سبب عدم إحيائها حفلاً في أكادير وتلجأ للقضاء ضد المنظم    المغربي يونس الخمليشي يفوز بجائزة قطر العالمية لحوار الحضارات    مقترح مصري لوقف موقت لإطلاق النار في غزة ومفاوضات بالدوحة أملا في إنهاء الحرب    ترامب يسعى ليكون الرئيس الأمريكي الثاني الذي يعود إلى البيت الأبيض بدورتين غير متتاليتين    جامعة محمد الأول تنظم ندوة علمية دولية    البواري يعلن انطلاقة الموسم الفلاحي الجديد وتدابير لدعم الفلاحين    قطاع صناعة الطائرات: وجهة الاستثمارات الفرنسية في المملكة المغربية    اختتام فعاليات البطولة الوطنية للفول كونتاكت واللاوكيك والكايوان ستايل بالرباط    أمطار قوية وثلوج مرتقبة من اليوم إلى الأربعاء بعدد من المناطق    كيوسك الإثنين | قنصلية عامة وفرع للمعهد الفرنسي بالعيون    في مواجهة عرفت طرد أمين حارث.. باريس سان جيرمان يكتسح مارسيليا بثلاثية    إعادة انتخاب المدير العام للمغربية للألعاب والرياضة نائبا لرئيس الجمعية العالمية لليانصيب    هناك أرضية خصبة لإنضاج مشاريع سينمائية مشتركة بين المغرب وموريتانيا (سينمائيون)        حكومة "أكوا هولدينغ".. 7 وزراء من بين 32 وزيرا تم اخيارهم بناء على خدماتهم وولائهم لرئيس الحكومة    زكية داوود: التحول في العلاقات الفرنسية المغربية قائم على التفاوض.. والمغاربة انتقلوا من حالة المستعمَر إلى حالة الزبون    تجنب منشآت إيران يخفض سعر النفط    حظوظ وزير الصحة والحماية الاجتماعية لبلوغ الغايات والأهداف المنشودة    Gitex Global: هواوي تطلق سلسلة من حلول التحول الرقمي والذكي للصناعة    اتحاد طنجة يتلقى خسارته الثانية هذا الموسم أمام السوالم بهدفين لهدف    كلب مسعور يودي بحياة عشريني بأكادير    عضة بسيطة من كلب أليف "كانيش" تتسبب في وفاة شاب    الصحة العالمية تحذر: أعراض ارتجاج المخ قد تتأخر في الظهور        فيلم "عصابات" يتوج بالجائزة الكبرى للدورة ال 24 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    الشاعر البحريني قاسم حدّاد يفوز بجائزة الأركانة العالميّة للشعر    افتتاح معهد البحرين للموسيقى في أصيلة    اختتام فعاليات مهرجان ليكسا للمسرح في دورته الخامسة عشرة بمدينة العرائش    ارتفاع عدد حالات التسمم الغذائي في "ماكدونالدز" بالولايات المتحدة الأميركية    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القبائل والتيارات السياسية في موريتانيا أكبر مستفيد من تحرير الإعلام

على عكس التوقعات، جاءت نتائج تحرير الإعلام المسموع والمرئي في موريتانيا مفاجئة، من حيث العدد الكبير من الإذاعات والقنوات، ومن حيث محتواها، وتوجهها العام؛ فمنذ أغسطس (آب) 2005، تاريخ الإطاحة بالرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، وموريتانيا تشهد تعديل وإحداث قوانين منظمة لحرية الإعلام، وشهدت الفترة ما بين 2005 و2008 حالة من الانفتاح الإعلامي لم يعرفها البلد منذ استقلاله عن فرنسا عام 1960، حيث فُتحت الإذاعة والتلفزيون الحكوميان أمام مختلف الأطراف السياسية، كما أن مضمون وسائل الإعلام الحكومية، بما فيها الوكالة الموريتانية للأنباء، وجريدة الشعب الرسمية، صار مختلفا عما عهده الموريتانيون لعقود.
وعلى الرغم من تراجع حرية الإعلام بعد انقلاب 6 أغسطس (آب) 2008، فإن منتصف عام 2010 شهد بداية مسار جديد في خارطة الإعلام الموريتاني، مع إقرار البرلمان للقانون رقم 045 – 2010، الذي يقضي بتحرير الفضاء المسموع والمرئي، وتحويل المؤسسات الإعلامية الحكومية إلى شركات مساهمة، عمومية، وذات نفع عام، وفتح المجال لإنشاء إذاعات وتلفزيونات خصوصية.
وشكل إقرار القانون نقلة نوعية من الناحية المؤسسية، إضافة لعودة مستوى من الحرية والانفتاح، ساهم في تصنيف موريتانيا الثانية عربيا بعد جزر القمر، عامي 2011 و2012، في مؤشر حرية التعبير الذي تصدره منظمة «صحافيون بلا حدود» في فرنسا، وكانت موريتانيا قد احتلت الرتبة الأولى في 2006 و2007.
في أغسطس 2011، سلّم وزير الإعلام السابق حمدي ولد محجوب لرئيس السلطة العليا للصحافة والقطاع المسموع والمرئي المعروفة اختصارا باسم «الهابا»، نماذج دفاتر التحملات (دفاتر الالتزامات) التي تتضمن شروط ومعايير الخدمات التلفزيونية والإذاعية العمومية والخصوصية والجمعوية.
وبعد إقرار قانون تحرير الفضاء المسموع والمرئي، الذي فوض «الهابا» صلاحيات واسعة، أعلنت هذه الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 عن منح تراخيص لخمس إذاعات وقناتين تلفزيونيتين، ورفض الترخيص لعدد كبير من الإذاعات والتلفزيونات، نتيجة لنقص في ملفاتها، في حين أجلت فتح المجال للإذاعات «الجمعوية» غير التجارية.
أثار القرار جدلا واسعا، لا سيما أن التلفزيونين تعود ملكيتهما لعائلتي «غده» و«ودادي» من قبيلة الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز، وكذلك الحال لاثنتين من الإذاعات الخمس.
لكن بعض القنوات التلفزيونية التي رفضت «الهابا» لها، سارعت إلى إطلاق بثها من خارج موريتانيا، وهي قناة «المرابطون» المحسوبة على التيار الإسلامي الإخواني، وقناة «شنقيط» التي يملكها رجل أعمال من أقارب الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع. كان ذلك قبل أن تبدأ قناتا «الساحل» و«الوطنية» التي رخصت لها «الهابا» البث، وهو ما أثار جدلا واسعا في الساحة الإعلامية، تبعه استقالة مديري «الساحل» و«الوطنية»، بسبب خلافاتهما مع الممولين، وإصابة المشروعين بشلل مؤقت. ويقول الصحافي حبيب الله ولد أحمد إن رفض بعض الملفات يعود لاستحضار ثلاثة أبعاد هي البعد الأمني (العلاقة بالاستخبارات) والاجتماعي (نفوذ القبيلة)، والسياسي المالي (النفوذ المالي)».
مع هذه الأجواء اضطرت «الهابا» للإعلان عن فتح باب الترشح للحصول على تراخيص جديدة، وأسفر الفرز عن منح تراخيص للقناتين الممنوعتين في يناير (كانون الثاني) 2013، ومعها قناة ثالثة سبق أن منعت هي الأخرى في 2011، ولكنها لم تبدأ البث بعد. وأصبحت هناك 13 عشر إذاعة تبث كلها - باستثناء الإذاعة الوطنية - على الموجة الترددية «FM» في العاصمة نواكشوط التي يقطنها نحو مليون نسمة. منها خمس إذاعات خصوصية رخصت لها سلطة الصحافة، هي: صحراء ميديا، نواكشوط، التنوير، موريتانيد، كوبني، بالإضافة للإذاعة الوطنية التي تحولت إلى مؤسسة عمومية، إذاعة الشباب، وإذاعة القرآن الكريم التابعتين لها. وإلى جانب هذه الإذاعات هنالك إذاعات دولية حصلت على تراخيص بث على موجة «FM» منذ عام 2006 حتى الآن، وهي إذاعة «بي بي سي» العربية، وإذاعة فرنسا الدولية، و«مونتي كارلو»، و«دي دبيليو» الألمانية، وإذاعة «الصين العربية»، وقناة «الجزيرة القطرية» (الموجة الإذاعية). في حين تتنافس على اكتساب المشاهدين ثماني قنوات تلفزيونية، هي القناتان الأولى والثانية للتلفزيون الوطني، وقنوات «شنقيط» و«الساحل» و«الوطنية» و«المرابطون» و«دافا»، هذه الأخيرة لم تبدأ بعد، إضافة لقناة «المحظرة»، التابعة لإذاعة القرآن الكريم. وأنشأت الحكومة الموريتانية شركة للبث الإعلامي دشنها رئيس الوزراء في يوليو (تموز) 2012، وتتولى توفير البث للمؤسسات الإعلامية الخاصة والعمومية بأسعار مخفضة، وقامت بحجز 15 قناة على قمر «عرب سات». وهذا المشهد خلق أجواء مرتبكة في بلد لم يتعود على التعددية في الإعلام التلفزيوني والإذاعي، وظل لسنوات يركز على الصحافة المكتوبة المستقلة، والإعلام الحكومي. وبات المشهد يوحي بأن أكبر المستفيدين من تحرير الإعلام هما التيارات السياسية وزعماء القبائل، خاصة في أوجه أزمة سياسية عرفتها موريتانيا خلال السنتين الأخيرتين متأثرة برياح الربيع العربي، وفي ظل التحضيرات للانتخابات البرلمانية والبلدية التي ستجري نهاية العام.
ويرى محمد ولد الدده مدير الأخبار السابق في قناة «الساحل» أن تجربة تحرير الفضاء المسموع والمرئي لم تنضج بعد، وتحتاج إلى إعادة نظر في أساليب عملها وتعاملها مع الأشخاص والأحداث، وأنها ما زالت دون المستوى المطلوب، وبعيدة من المستوى المتوقع.
ويقول ولد الدده إن السبب يعود لغياب آليات واضحة لتعامل المؤسسات الإعلامية مع أطقمها البشرية، مما جعل هذه الأطقم تنظر بشيء من غياب الارتياح إلى المهنة، وهذا ما أدى إلى أن تتحول في أحايين كثيرة إلى مهنة لمجموعة من الهواة. وأضاف أن من بين الأسباب الذاتية افتقار معظم العاملين في الحقل الإعلامي إلى الوسائل الضرورية والمهارات اللازمة التي يتطلبها العمل الإعلامي.
ويرجع ولد الدده هذه الحالة إلى أسباب موضوعية، فالتجربة ما زالت في بداياتها في بلد يعاني غياب المؤسسية على مستوى وسائل الإعلام ومصادر التأهيل، حيث تكاد تغيب المؤسسات الأكاديمية والمراكز التدريبية المؤهلة لتخريج صحافيين وفنيين قادرين على السمو بالإعلام. وأضاف: «التجربة تحمل داخلها عوامل فشلها، إذا لم تجرِ المبادرة بإصلاحها من خلال بذل جهود جدية في تنظيف الحقل من غير المهنيين، وفي مراقبة مدى احترام وسائل الإعلام للقواعد القانونية لمعاملة العاملين بها».
ويشير عدد من الإعلاميين في القطاع إلى أن المشكلة الأساسية في المشاريع الجديدة، خاصة التلفزيونات، تكمن في كون المستثمرين في القطاع هم من غير الإعلاميين، وليسوا مطلعين على واقع الإعلام، وما يتطلبه التلفزيون من وسائل وتكاليف، وفي هذا الإطار يقول ولد الدده إن رأس المال لم يستثمر بالطريقة الصحيحة الكفيلة بالتحسين من مستوى العملية، وهو بالتالي عامل موضوعي ساهم في إضعاف التجربة.
وقال الكاتب الصحفي والمخرج محمد ولد ادوم ل«الشرق الأوسط» إن أداء القنوات والإذاعات الخاصة ما زال خجولا ومتواضعا، «حيث لم ترقَ حتى إلى مستوى التلفزيون الحكومي الذي كان قائما، والذي طالما انتقدناه». ويعود ذلك برأي ولد ادوم إلى سببين رئيسين، أحدهما يتعلق بالإمكانيات المادية، حيث تفتقر أغلب هذه القنوات إلى رأسمال مستعد للإنفاق من دون توقع عائد مادي على الأقل في الأمد القريب، وثانيهما يتعلق بغياب طاقم صحافي متخصص ومتمرس، إذ اعتمدت هذه القنوات على جيل من الشباب المبتدئ، الذي تنقصه الخبرة والمعرفة، وإن كان لا ينقصه الطموح والموهبة. ويشير ولد ادوم إلى جانب آخر هو أن عدد القنوات والإذاعات أكثر مما ينبغي، فلا سوق الإشهار المحلية التي لا تتجاوز ثمانية ملايين دولار سنويا يمكنها أن تستوعب وتساعد في التمويل، وهو مما يطرح مشكلتي الاستمرارية والتمويل على المحك. ويقول ولد ادوم، وهو أيضا مدير مهرجان نواكشوط السنوي للفيلم: «إن الساحة الإعلامية ليست بحاجة إلى هذا القدر من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، مما يحيلنا إلى تكرار تجربة الصحافة الورقية في عقد التسعينات من القرن الماضي، وهي تجربة يمكن وصفها ب(الكارثية)». وحول متابعة القنوات التلفزيونية، يؤكد ولد ادوم أن المشاهد الموريتاني خصص حيزا من وقته لمتابعتها، على حساب القنوات العربية والعالمية والتلفزيون العمومي، بل إن بعض البرامج في الإذاعات والتلفزيونات حقق نجاحا منقطع النظير في عدد المتابعين، وأثار جدلا في شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن الإعلام المرئي والمسموع لم يستغل هذه النقطة ولم يستفد من الإقبال الجماهيري، فأصبحت البرامج متشابهة، وسعت القنوات إلى تقديم ما تملأ به الفراغ، في غياب سياسة إنتاجية حقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.