قال عبد العزيز رحابي وزير الإعلام الجزائري الأسبق إن قانون السمعي البصري الجديد يعتبر تراجعا عن مكتسبات حرية الصحافة، التي كانت الجزائر السباقة إليها في العالم العربي، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن السلطة السياسية تعلن بأنها قررت إنهاء احتكار قطاع التلفزيون والإذاعة، وبأنها ستفتحه أمام القطاع الخاص، لكنها في المقابل ترفض أن تتناول هذه القنوات كل ما هو مادة إخبارية أو سياسية، وتريد أن تبقى هذه القنوات في الرقص والرسوم المتحركة. وأضاف رحابي في تصريح ل'القدس العربي' أن مشروع القانون الذي عرضه وزير الإعلام الحالي أمام لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشعب، يكرس نظرة السلطة الحاكمة، التي أقرت فتح القطاع ورفع الاحتكار ( نظريا) تحت ضغط رياح الربيع العربي، لكنها في الحقيقة ترفض هذا الانفتاح، بدليل المواد التي تضمنها القانون الجديد، خاصة فيما يتعلق بسلطة الضبط التي أقرها، وتتضمن تسعة أعضاء خمسة يعينهم رئيس الجمهورية وأربعة يعينهم رئيسا غرفتي البرلمان، بمعنى أنه لا يوجد أي ممثلين عن الصحافيين وعن أصحاب القنوات، في حين أن سلطة الضبط الخاصة بالصحافة المكتوبة، والتي أقرها قانون الإعلام لسنة 1990، كانت تضم ممثلين عن الصحافيين وتضم قضاة أيضا، والأغرب، يضيف المصدر ذاته، أن هذه السلطة منحت صلاحية توقيف بث القنوات الخاصة، إذا رأت بأنها لم تلتزم بما جاء في دفتر الشروط، بمعنى أن هذه السلطة منحت صلاحيات يفترض أن القضاء فقط هو من يمارسها، خاصة فيما يخص تعليق بث أي قناة. وأشار إلى أن هيئة البث التلفزيوني والإذاعي الحكومية يحق لها أيضا، بموجب القانون، أن توقف بث هذه القنوات، التي ستكون مجبرة على عدم بث أي برامج إخبارية، وهو الأمر الذي لا يرضي الكثير من أصحاب هذه القنوات، كما أنه من غير المعقول الحديث عن انفتاح في ظل عدم وجود قانون ينظم الإعلانات وآخر لسبر الآراء، علما أن هناك قانونا للإعلانات صودق عليه سنة 1999، لكن تم تجميده بقرار سياسي. وذكر أن تأجيل الترخيص لتأسيس إذاعات خاصة لا مبرر له، لأن القانون كان من المفترض أن يرخص بتأسيس إذاعات خاصة، ثم تأتي الأمور الفنية، موضحا أن التحجج بعدم توفر ما يكفي من موجات لا معنى له، وتفسير هذا، يقول رحابي أن الوزير الحالي لم يتلق تعليمات لفتح الباب أمام تأسيس إذاعات خاصة. وشدد على أن المؤشر الحقيقي لمعرفة إن كانت السلطة جادة في الانفتاح، هو مدى انفتاح الإعلام الحكومي على المعارضة، وبما أن هذا الإعلام يبقى مغلقا أمام الرأي الآخر، فكل ما يتم الترويج له عن رفع الاحتكار عن قطاع التلفزيون والإذاعة هو مجرد خطاب استهلاك موجه للخارج.