يترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس افتتاح البرلمان يوم الجمعة المقبل، ويوجه خطاباً يعرض فيه إلى تطورات الأوضاع السياسية في البلاد. ورجحت مصادر مطلعة أن يقترن ذلك بإعلان تشكيلة الطبعة الثانية للحكومة برئاسة زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران الذي كثف مشاوراته في نهاية الأسبوع الماضي مع شريكيه في الائتلاف الراهن. وأفادت مصادر حزبية بأن رئيس الحكومة اجتمع إلى زعيم «تجمع الأحرار» وزير المال السابق صلاح الدين مزوار لدرس آخر المستجدات التي تطاول معاودة هيكلة الحكومة وتوزيع حقائب وزراء «تجمع الأحرار» الذي سيخلف حزب «الاستقلال» المنسحب من الحكومة. ويرجح الاجتماع تسريع إعلان الحكومة، خصوصاً أن بن كيران التقى الملك محمد السادس في وقت لاحق. وتسربت معطيات تفيد بأن العاهل المغربي أبدى رغبته في تشكيل الحكومة قبل افتتاح البرلمان، لكن من دون التدخل في اختصاصات رئيس الحكومة الذي يختار الوزراء ويقترح على الملك تعيينهم، وفق الدستور. كما اجتمع بن كيران مع كل من زعيم «الحركة الشعبية» محند العنصر و «التقدم والاشتراكية» نبيل بن عبدالله على انفراد لوضعهما في صورة نتائج المشاورات. على أن يجتمع زعماء الغالبية النيابية الجديدة مطلع الأسبوع الجاري لتبادل وجهات النظر في اللمسات الأخيرة لقوائم الوزراء والمسؤوليات ومعاودة هيكلة البناء الحكومي. إلى ذلك، اتهم الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر رئيس الحكومة ب «الابتزاز السياسي الهادف إلى تحويل الاستقرار الذي ينعم به المغاربة إلى فزاعة بهدف الإجهاز على المكتسبات والحقوق». وقال في كلمة أمام تظاهرة احتجاجية في الرباط إن «الحكومة جعلت من الابتزاز السياسي منهجاً وسلوكاً، وهي ممارسة مقصودة يتوخى منها الحزب الحاكم عرض عضلاته عبر التخويف والوعد والوعيد». واعتبر لشكر الذي استضافت تظاهرته الاحتجاجية وجوهاً من حزب «الاستقلال» المنسحب من الحكومة، إن الحزب الحاكم يخطط «لإنجاز مشروعه السياسي الفعلي الذي يعده على مهل وفي تكتم شديد داخل غرفة عملياته الخلفية في أروقة حركته الدعوية»، في إشارة إلى مشاركة حركة «التوحيد والإصلاح»، الذراع الدعوية ل «العدالة والتنمية»، في اجتماع للحركات الإسلامية في إسطنبول ضم شخصيات تنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين». وقال إن بن كيران «من موقع رئاسة الحكومة، وكأي أصولي أصيل، يبدو وكأنه يشتغل على أجندة مغايرة، ويعمل في أفق مخالف لأفق تنزيل الدستور واستكمال البناء الديموقراطي». واتهم رئيس الحكومة ب «تعطيل الدستور وابتزاز الدولة ومحاولة مقايضتها للبقاء في السلطة بأي ثمن ولأطول أمد» عبر التهديد بالنزول إلى الشارع وسن سياسات ضد القدرة الشرائية لغالبية المغاربة. وعرض «حماقات الحكومة العاجزة» المرتبطة ب «تجميد الاستثمار والزيادة في أسعار المحروقات وتعطيل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإجهاز على حقوق العمال». وتساءل: «هل يمكن للمرء أن يتخيل أن هناك نظاماً ديموقراطياً فعلياً لا يكترث بأزمة حكومية نتجت عن انفجار الغالبية الحالية، وقد مر على استقالة جزء هام من أعضاء هذه الحكومة ما يناهز أربعة شهور من دون أن يتجه رئيس الحكومة بصلاحياته الواسعة إلى الرأي العام في شكل رسمي ومسؤول ليخبره بمجريات الأمور وبمزاعمه». وتأتي تظاهرة «الاتحاد الاشتراكي» أياماً بعد المسيرة التي نظمها «الاستقلال» في وسط الرباط وحشد لها الآلاف. وقالت مصادر إن المعارضة قررت التصعيد ضد الحكومة مع اقتراب افتتاح الدورة التشريعية. وستكون الحكومة أمام اختبار تمرير موازنتها للعام الجاري في حال عدم التوافق على تشكيل غالبية جديدة. في غضون ذلك، نظم الآلاف من حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل أمس مسيرة وسط العاصمة للاحتجاج على الحكومة. وردد المتظاهرون شعارات غاضبة ضد سياسية بن كيران من قبيل «ارحل»، مطالبين بتسوية أوضاعهم. وهدد المحتجون الحكومة ب «شهر أسود»، رداً على «سلوكها اللامبالي في التعاطي مع مشكلة البطالة».