خصص برنامج "مباشرة معكم" الذي تبثه القناة المغربية "الثانية"، موضوع حلقة ليلة أمس لتدارس التقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشأن المهاجرين الأجانب في المغرب. و اعتبرت مداخلات المشاركين في البرنامج، أن المغرب ،قديما وحديثا، كان "بلد هجرة"، ولو" أن الوعي الاجتماعي لم يستوعب بعد المسألة"، كما قال عبد الرحيم قاسو، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث أصبحت "الظاهرة تختزل في الهجرة من جنوب الصحراء، في حين أن هناك هجرة أوروبية كذلك، ومن جنسيات مختلفة". بدورها، أكدت حفصة أفيلال عن جمعية مجموعة مناهضة العنصرية لمرافقة والدفاع عن الأجانب والمهاجرين، "أن المغرب عرف هجرات متعددة"، وبالتالي "لا يجب أن نستفيق اليوم لنتحدث عن وضع سياسة للهجرة". ونوهت الناشطة الجمعوية بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، معتبرة إياه بأنه "يطرح لأول مرة وضعية المهاجرين في وضعية غير نظامية" ،موضحة أنه " قد يشكل أرضية" للانطلاقة للوصول إلى تبني سياسة واضحة في المجال. نفس الإشادة بالتقرير، عبر عنها عبد الله علالي، عن المنظمة الديمقراطية للشغل، وهي نقابة نشطة في الدفاع عن الحقوق العمالية للمهاجرين، وأكد أن "التقرير كان له صدى طيب عند العمال، لأنه عكس واقعا يعيشونه، وأيضا لأنه يتوجه إلى ثلاثة أطراف أساسية، هي الحكومة والبرلمان كطرف أول، والنقابات والمجتمع المدني كطرف ثان، والمجتمع الدولي كطرف ثالث". عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبد الرحيم قاسو، أبرز أن التقرير اعتمد على عمل تشاركي، واستفاد من تراكم تجارب المجتمع المدني في هذا المجال. وانتقد ضيوف البرنامج بشدة بعض المقاربات السائدة في التعامل مع إشكالية الهجرة من قبيل تبني المقاربة الأمنية، التي أدى اتباعها في "غياب الحكامة" إلى نتائج عكسية. وفي هذا الإطار، أشارت الناشطة عن مجموعة مناهضة ومرافقة والدفاع عن الأجانب والمهاجرين، حفصة أفيلال إلى عدد من الاختلالات، التي تهم عملية ترحيل المهاجرين السريين، من قبيل "ترحيل عدد من النساء الحوامل"، و"عدم تبليغ الأفراد الذين يتقرر ترحيلهم" بقرار إرجاعهم إلى بلدانهم، وكذلك غياب "احترام المساطر التي ينص عليها القانون"، في هذه النقطة. من جانبه، شدد عبد الرحيم قاسو على وجود بعض مظاهر العنصرية في المجتمع المغربي من بينها تعليق لافتات من قبل المواطنين المغاربة، كتب عليها "ممنوع الكراء للأفارقة" معتبرا أن على السلطات أن تتحمل مسؤوليتها في التدخل في هذا الجانب. واعتبرت الناشطة الجمعوية، حفصة أفيلال، أن "التمييز بشتى أنواعه هو جريمة يعاقب عليها القانون" ،غير أن هذا البند غير مفعل . وأضافت أن "هناك بعد المبادرات التي أطلقتها الأحزاب حول التمييز كانت جريئة، ويجب إشراك المجتمع المدني سواء في القوانين الجديدة التي تهم التمييز أو في القوانين المتعلقة بالهجرة عموما". واستغرب النقابي عبد الله علالي لغياب "إحصائيات رسمية حول العمال المهاجرين غير الشرعيين"، مضيفا أنه "لا يعقل أن الدولة ليست لها لحد الآن إحصائيات رسمية"، واشار إلى أن الأرقام المتوفرة هي إحصائيات أكاديمية تقدر العدد ب 15 ألف مهاجر غير شرعي بالمغرب. وطالب علالي بتفعيل اتفاقية العمال المهاجرين وأسرهم التي صادق عليها المغرب في سنة 1993 ،ملمحا إلى وجود عدة حالات من استغلال للمهاجرين في الأعمال الشاقة، التي قد يترتب عنها حالات العجز أو الموت حتى، داعيا المقاولات التي تشغل هؤلاء العمال أن تبادر إلى تسوية وضعيتهم الاجتماعية، ومنحهم على الأقل الحد الأدنى من الأجور. واجمع ضيوف برنامج "مباشرة معكم" على إدانة غياب حق المهاجرين في الولوج إلى بعض الخدمات أو تعليم أبنائهم بالمدرسة. وفسر عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبد الرحيم قاسو "غياب الحق في التمدرس" لأبناء المهاجرين غير الشرعيين باعتباره "نتيجة طبيعية لفكرة أن الهجرة من دول جنوب الصحراء هي هجرة عبور". بدورها، قالت الناشطة حفصة أفيلال إن "العائلات المستقرة لها الحق في تعليم أبنائها ويجب أن يفتح سوق الشغل أمام هؤلاء المهاجرين"، فيما أضاف النقابي عبد الله علالي أنه "لا يمكن أن نكتفي ببعض النماذج أو بعض مجهودات المجتمع المدني في مجال تمدرس أبناء المهاجرين" لعدم توفرها على الإمكانيات داعيا إلى تدخل الدولة في هذا الإطار.