تم مساء اليوم الخميس بالعاصمة الرباط ،تقديم "ميثاق إصلاح منظومة العدالة" الذي انكبت الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ،على العمل لإخراجه للوجود طيلة أكثر من سنة من اشتغالها، ليكون دليلا عمليا في مسار ورش إصلاح العدالة بالمغرب. واستشهد رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران،في كلمة ألقاها خلال حفل التقديم بمقولة عربية شهيرة، تقول إن "العدل هو أساس الحكم" مشيدا بعمل الهيأة كخطوة في طريق إصلاح منظومة العدالة بالمغرب. واعتبر ابن كيران أن الدستور المغربي الأخير سنة 2011 "دشن قفزة نوعية في مجال إصلاح القضاء بالتنصيص على استقلاليته والارتقاء به إلى سلطة". كما نوه بعمل الهيأة، حيث أوضح أنها تمكنت من "تشخيص الوضعية الحالية لنظام العدالة" بالمغرب ، مشيرا إلى أن الميثاق "مكن من الوقوف على مكامن القوة والضعف فيها". وقال ابن كيران، إن "إصلاح العدالة يتطلب توفير الإطار القانوني المناسب والوسائل الضرورية"، مشيرا إلى أن "الحكومة عازمة على توفير كل الوسائل لإنجاح تفعيل هذا الميثاق". ومن جهته، اعتبر وزير العدل والحريات ، المرحلة التي وصل إليها عمل لجنة إصلاح العدالة بأنها "محطة تاريخية" توجت بتقديم الميثاق الذي شكل عصارة وحصيلة ما توصل إليه كل المشاركين في الحوار الوطني الذي اعتبره "ناجحا بكل المقاييس". وأضاف الرميد أن الميثاق تضمن مقترحات عبر عنها مختلف الفاعلين، وأغنته تجارب دول أخرى ومساهمات عدد من الخبراء. ويقع الميثاق الذي أنجزته الهيأة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في 200 صفحة ،وينقسم إلى جزئين ،خصص الأول للأسس العامة لإصلاح منظومة العدالة حيث تضمن تشخيصا للوضع الراهن لمنظومة العدالة وتقديما للرؤية العامة التي تبنتها الهيأة من أجل إصلاحها. وضم الجزء الثاني من الميثاق عرضا للأهداف الاستراتيجية الكبرى لإصلاح العدالة وهي ستة أهداف، تتمثل في توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء وإنماء القدرات المؤسسة لمنظومة العدالة وتحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها. ويتفرع عن هذه الأهداف الستة الكبرى، ستة وثلاثون هدفا فرعيا تفصل في هذه الأهداف الكبرى، وكيفية تفعيلها، وكذا الإجراءات التي سيتم اتخاذها لترجمتها وترجمة أهداف الهيأة على أرض الواقع، في إطار تعزيز ورش إصلاح القضاء. ومن بين ما حملته الأهداف الفرعية للميثاق، السعي إلى ضمان استقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية ماديا وإداريا ،وإحداث أمانة ومفتشية عامتين للمجلس ووضع نظام داخلي يعرض على المحكمة الدستورية. كما ذكر الميثاق، أن من بين أهدافه نهج سياسة جنائية جديدة يتم من خلالها ملاءمة القوانين الزجرية الوطنية مع أحكام الدستور ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة وحقوق الإنسان، وتعزيز الحماية القانونية للنساء والأطفال والمهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة. وسطر الميثاق أهدافا أخرى ترمي إلى الارتقاء بفعالية القضاء من خلال البث في القضايا في آجال معقولة ،من خلال العمل على تبسيط إجراءات البث في القضايا واعتماد الإدارة الإليكترونية ،والحرص على تسهيل الولوج إلى القانون، عبر إحداث نظام المساعدة القانونية المجانية والعمل على تواصل القضاة بلغة يفهمها المتقاضون خصوصا الأمازيغية والحسانية. ورفع الميثاق تحدي إرساء المحكمة الرقمية، مع ما يستلزمه ذلك من تطوير البنيات التكنولوجية للإدارة ،وتأهيل الموارد البشرية العاملة بها.كما سطر الميثاق هدف تحديث خدمات المؤسسة القضائية وانفتاحها على المواطنين من خلال إحداث بوابة إليكترونية وتقوية المواقع الإليكترونية للمحاكم ،وتمكين المتقاضين من الاطلاع على مآل تنفيذ الأحكام المتعلقة بهم عن طريق الإنترنت دعما للشفافية.