في أعقاب جلسة العمل، التي ترأسها أمس الثلاثاء الملك محمد السادس، بحضور رئيس الحكومة ووزراء الداخلية، والشؤون الخارجية والتعاون، والعدل والحريات، والوزير المنتدب في الداخلية ، والتي خصصت لتدارس مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة في المغرب، عقد الوزراء المعنيون اجتماعا لتنفيذ التوجيهات الملكية بهذا الخصوص. وذكر بيان مشترك لوزارات الداخلية، والشؤون الخارجية والتعاون، والعدل والحريات، بثته اليوم الأربعاء وكالة الأنباء المغربية الرسمية،أن هذه التوجيهات، تشكل بالفعل، رؤية جديدة للسياسة الوطنية في مجال الهجرة ، إنسانية في فلسفتها، وشاملة في مضمونها، ومسؤولة في مقاربتها، ورائدة على المستوى الإقليمي. وأكد أن هذه الرؤية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الكبرى التي تعرفها ظاهرة الهجرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والوقائع الوطنية الجديدة ذات الصلة بالمهاجرين واللاجئين، حيث انتقل المغرب من وضع بلد مصدر للهجرة أو بلد للعبور إلى بلد مستقبل للمهاجرين. وأضاف أن هذه الرؤية تعزز السياسة الجديدة الخاصة بإفريقيا، التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تكرس توجه المغرب كأرض للاستقبال، وعلاقاته العريقة مع إفريقيا، والتزامه الدائم من أجل التنمية البشرية، لاسيما ما يتعلق بتكوين الموارد البشرية، وتعزيز السلام والأمن، والنهوض بالعمل الإنساني في إفريقيا. وأشار البيان المشترك إلى أن سياسة المغرب الجديدة في مجال الهجرة ستتبلور في مخطط عمل ،يتمحور حول أربعة محاور رئيسية وردت في تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان، مؤكدا على أنه سيتم تنفيذ هذه السياسة وفق مقاربة تشاركية مع هذه المؤسسة وبتشاور مع مختلف الفاعلين الآخرين المعنيين. وبخصوص اللجوء، سيتم بشكل فوري إطلاق مسلسل لتأهيل الإطار القانوني والمؤسساتي الوطني، وذلك من أجل تمكين المملكة من نظام للتدبير يتطابق مع المعايير الدولية ويحترم التزاماته في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها. وفي انتظار ذلك - يؤكد البيان - ستعطى الأولوية في المعالجة لحالات الأشخاص المتوفرين، حتى اليوم، على وثائق مسلمة من قبل ممثلية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الرباط. وبخصوص الأجانب في وضعية إدارية غير قانونية، فقد أعطيت تعليمات إلى السلطات المختصة من أجل مواصلة دراسة حالات الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني، وذلك في احترام تام للقانون وحرص على حماية حقوقهم وكرامتهم. وأشار البيان إلى أن لجنة وزارية مشتركة ستحدد خلال الأيام المقبلة الإطار المسطري من أجل دراسة وضعية بعض الفئات من الأجانب المتواجدين بالمغرب في وضعية غير قانونية ،كل حالة على حدة ووفق معايير محددة . كما ستتم دراسة توصيات تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بالمهاجرين في وضعية قانونية بشكل معمق من قبل السلطات المختصة من أجل تنفيذ أمثل لها في إطار آلية للتشاور مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وباقي الفاعلين الآخرين المعنيين. وموازاة مع ذلك، ستواصل السلطات المغربية دون كلل تصديها لشبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر. وفي هذا السياق سيتم وفي أقرب الآجال تعزيز الإطار القانوني، والقيام بخطوات تحسيسية في هذا المجال. وأشار البيان من جهة أخرى، إلى أن الوزراء شددوا على أن الرؤية الملكية تشكل مرجعا بالنسبة للعمل الدبلوماسي في ما يتعلق بقضايا الهجرة، مكرسة بذلك دور المغرب كقوة عملية واقتراحية فعلية على المستويين الاقليمي ومتعدد الأطراف. وخلص البيان إلى أن شركاء المغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي،هم أيضا معنيون في المقام الأول بالمعطى الجديد للهجرة، ويتعين عليهم أن يبرهنوا على مزيد من الالتزام الملموس في دعمهم لتنفيذ هذه السياسة المغربية الجديدة في مجال الهجرة، مشيرا إلى أنه يتعين كذلك على دول الجوار أن تلتزم موقفا مسؤولا لكونها معنية بنفس القدر بإشكالية الهجرة على المستوى الاقليمي.