في أعقاب جلسة العمل التي ترأسها أمس الملك محمد السادس، وخصصت لتدارس مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة في المغرب، صدر بلاغ مشترك لوزارات الداخلية، والشؤون الخارجية والتعاون، والعدل والحريات، قال إن توجيهات الملك "تشكل بالفعل رؤية جديدة للسياسة الوطنية في مجال الهجرة، إنسانية في فلسفتها، وشاملة في مضمونها، ومسؤولة في مقاربتها، ورائدة على المستوى الإقليمي" وفق تعبير الوثيقة. ذات البلاغ اعتبر هذه الرؤية "تأخذ بعين الاعتبار التحولات الكبرى التي تعرفها ظاهرة الهجرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والوقائع الوطنية الجديدة ذات الصلة بالمهاجرين واللاجئين، حيث انتقل المغرب من وضع بلد مصدر للهجرة أو بلد للعبور إلى بلد مستقبل للمهاجرين.وهذه الرؤية تعزز السياسة الجديدة الخاصة بإفريقيا، والتي تكرس توجه المغرب كأرض للاستقبال وعلاقاته العريقة مع إفريقيا، والتزامه الدائم من أجل التنمية البشرية، لاسيما ما يتعلق بتكوين الموارد البشرية، وتعزيز السلام والأمن، والنهوض بالعمل الإنساني في إفريقيا". التواصل المشترك لوزراء حكومة عبد الإله بنكيران، بعد لقائهم للملك ضمن جلسة عمل أمس، أورد أن "سياسة المغرب الجديدة في مجال الهجرة ستتبلور في مخطط عمل، يتمحور حول أربعة محاور رئيسية وردت في تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان.. حيث سيتم تنفيذ هذه السياسة وفق مقاربة تشاركية مع هذه المؤسسة وبتشاور مع مختلف الفاعلين الآخرين المعنيين". "بخصوص اللجوء، سيتم بشكل فوري إطلاق مسلسل لتأهيل الإطار القانوني والمؤسساتي الوطني، وذلك من أجل تمكين المملكة من نظام للتدبير يتطابق مع المعايير الدولية ويحترم التزاماته في مجال النهوض بحقوق الانسان وحمايتها. وفي انتظار ذلك ستعطى الأولوية في المعالجة لحالات الأشخاص المتوفرين، حتى اليوم، على وثائق مسلمة من قبل ممثلية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الرباط.وبخصوص الأجانب في وضعية إدارية غير قانونية، فقد أعطيت تعليمات إلى السلطات المختصة من أجل مواصلة دراسة حالات الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني، وذلك في احترام تام للقانون وحرص على حماية حقوقهم وكرامتهم" تورد الوثيقة ذاتها. كما أشار البلاغ إلى أن لجنة وزارية مشتركة ستحدد خلال الأيام المقبلة الإطار المسطري من أجل دراسة وضعية بعض الفئات من الأجانب المتواجدين بالمغرب في وضعية غير قانونية ،كل حالة على حدة ووفق معايير محددة، وستتم دراسة توصيات تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان المتعلقة بالمهاجرين في وضعية قانونية بشكل معمق من قبل السلطات المختصة من أجل تنفيذ أمثل لها في إطار آلية للتشاور مع المجلس الوطني لحقوق الانسان وباقي الفاعلين الآخرين المعنيين، واسترسل: "موازاة مع ذلك، ستواصل السلطات المغربية تصديها لشبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وفي هذا السياق سيتم وفي أقرب الآجال تعزيز الإطار القانوني، والقيام بخطوات تحسيسية في هذا المجال". التواصل الجماعي للوزراء امحند العنصر وسعد الدين العثماني والمصطفى الرميد قال إنّ "الرؤية الملكية تشكل مرجعا بالنسبة للعمل الدبلوماسي في ما يتعلق بقضايا الهجرة، مكرسة بذلك دور المغرب كقوة عملية واقتراحية فعلية على المستويين الاقليمي ومتعدد الأطراف"، وزاد: "شركاء المغرب، خاصة الاتحاد الأوروبي،هم أيضا معنيون في المقام الأول بالمعطى الجديد للهجرة، ويتعين عليهم أن يبرهنوا على مزيد من الالتزام الملموس في دعمهم لتنفيذ هذه السياسة المغربية الجديدة في مجال الهجرة، كما يتعين كذلك على دول الجوار أن تلتزم موقفا مسؤولا لكونها معنية بنفس القدر بإشكالية الهجرة على المستوى الاقليمي".