بعينين جاحظتين ونظرات بلهاء شبيهة بنظرات المهرج في السيرك، ظهر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أول من أمس على صفحة "وكالة الصحافة الفرنسية" لمدة 20 دقيقة فقط! بعد ذلك، حُذفت الصورة وطُلب من الكلّ إزالتها عن حواسيبهم. إنها صورة لهولاند التقطها المصوّر دوني شارلي من "وكالة الصحافة الفرنسية" أثناء زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إلى مدرسة تقع في منطقة "دونين" شمالي فرنسا. صورة أظهرته بتلك الحالة "الرديئة" كما وصفتها الصحف الفرنسية فيما بدا وراءه لوح أخضر كُتب عليه "اليوم العودة الى المدرسة". الحذف بُرّر تحت ذريعة "الأسباب التحريرية" كما صرّح مدير الإعلام في الوكالة فيليب ماسونيه الذي نفى تعرض وكالته لأي ضغط من "الإليزيه" حاصراً طلب الحذف بالقول بأنّه على "الصورة أن تعبّر عن المشهد كاملاً (...) ويجب تجنّب الزوايا التي تخرجها من مضمونها وتغيّر المعنى". هذا الحذف الذي أتى تحت ذريعة "الرقابة الذاتية" أعاد التذكير بما حصل مع الممثلة والمغنية باربرا سترايسند عام 2003 التي غرّمت المصوّر كينيث أدلمان بسبب تصويره منزلها في كاليفورنيا من دون أخذ إذنها، وما لبثت أن انتشرت هذه الصورة على الإنترنت. اليوم، تعود قضية باربرا الى الواجهة عبر مصطلح استخدمته كبريات الصحف الفرنسية هوstreisand effect. تم إسقاط "تأثير سترايسند" على ما حصل مع هولاند والوكالة الفرنسية بدءاً من الفشل في فرض الرقابة والمنع من الانتشار وصولاً إلى تداول الصورة الشهيرة التي تحولت مادة دسمة لكل الناشطين الذين لاقوا ما حدث بكثير من السخرية على مواقع التواصل الإجتماعي لا سيما تويتر. فيما انشغل الناشطون بالتعليق على الصورة وتداولها بشكل أكبر متحدين قرار المنع بالقول: "بما أنها حُذفت، علينا أن ننشرها بشكل أكبر". وراحت الصحف الفرنسية تتحدث عن علاقة هولاند بالتصوير وعن شخصيته البعيدة عن "إغراء" الكاميرا، فأوردت مجلة "le Point" تحليلاً لهذه العلاقة تحت عنوان "هولاند والمصورين: أنا أحبك.. أنا أبداً"، تقول فيه إنّ الرئيس الفرنسي يعاني دوماً من سوء الحظ والمزاج السيء ويعاني من مشكلة ربطة عنقه التي تغضبه كثيراً. وسبق للمجلة نفسها أن عنونت إحدى مقالاتها تعليقاً على الصورة: "هولاند AFP قتلتني"! فيما راحت صحيفة "le Nouvel Observateur" تنشر شهادة للمصور سيبستيان كالفيه الذي رافق هولاند في مسيرته لأكثر من 15 عاماً. وفي نص دفاعي، تولى المصوّر الحديث عن علاقة الرئيس الفرنسي بالصورة التي "لا تثير لديه الخوف" و"لا يقيم رقابة عليها على خلاف الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي يستعلم عن الصور وعن تاريخ ومكان نشرها"، متسائلاً: "ما الجدوى من نشر صورة مماثلة لهولاند؟ هل لها معنى ورسالة؟" فيما راح يعدّد مزايا هولاند في تأقلمه مع منصبه الجديد ومعالجة "نقاط ضعفه" حيث "أخضع نفسه لحمية وقام بالإهتمام بتسريحة شعره وأوقف أحاديثه مع الصحافيين". ورغم ذلك، يضيف المصوّر، فإنّ عفويته تطغى على هذا البروتوكول وقد يكون ذلك "لطيفاً".