للمرة الثانية في تاريخ السنغال تتولى سيدة الحكومة في البلاد، فبعد أن اختار الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد في عامه الثاني (2001-2002)، تكليف ماديو ربوي تشكيل الحكومة، ها هو خلفه ماكي صال يتخذ نفس القرار في عامه الثاني (جرى انتخابه في مارس/ آذار 2012)، ويكلف آميناتا توري بنفس المهمة. الرئيس السنغالي الشاب واجه تحديات كثيرة خلال أكثر من عام من إدارة دفة الحكم في البلاد، على رأسها ملفات الفساد التي يتهم بها رموز نظام الرئيس السابق عبد الله واد، إضافة إلى تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، ليقرر في النهاية تغيير حكومة سبق أن أدخل عليها بعض التعديلات السريعة. ويرى السنغاليون في إقالة حكومة عبد ول مباي، وتعيين وزيرة العدل السابقة آمنتا توري خلفا له، نوعا من إعادة الروح وخلق آلية عمل جديدة لدى الحكومة السنغالية، بعد أكثر من عام من الصعوبات، متحدثين في نفس السياق عن رئيسة الوزراء الجديدة بوصفها «مقربة جدا» من الرئيس صال، وتحظى ب«ثقته المطلقة». وكان مباي قدم استقالته من منصبه أول من أمس، للرئيس صال الذي قبلها على الفور، مؤكدا بذلك شائعات كانت تتردد في الشارع السنغالي عن قرب الاستغناء عن خدمات مباي، وعن تهم تحدث عنها الإعلام المحلي بشأن تورط مباي في عمليات غسل أموال بالتعاون مع الرئيس التشادي السابق حسين حبري، المعتقل حاليا في السنغال، وذلك عندما كان مباي يتولى إدارة عدد من المؤسسات المصرفية في السنغال. وأمام الشائعات التي تحدثت عن تورطه في غسل أموال، خرج رئيس الوزراء المستقيل مصرحا للإعلام مساء السبت الماضي قبل أن يقدم استقالته، ليؤكد أنه «إذا ما ظهرت أدلة تدينه في هذه القضية فسوف يستقيل من منصبه»، وهو ما جرى بعد ذلك بيوم واحد. ولم تقدم الجهات الرسمية السنغالية أي تفسير لإقالة مباي وحكومته، بينما يوصف مباي الخبير الاقتصادي والمتخصص في إدارة البنوك، بأنه تكنوقراطي اختاره الرئيس صال في أبريل (نيسان) 2012، لتشكيل أول حكومة بعد انتخابه رئيسا للجمهورية. ولم يتأخر الرئيس صال كثيرا في اختيار خليفة لمباي، حيث أعلن بعد ساعات من إقالته عن تعيين آميناتا توري كثاني سيدة تشغل منصب رئيس الوزراء في تاريخ السنغال، وعلى الفور بدأت توري في مباحثات من أجل تشكيل فريق حكومي جديد، يتوقع المراقبون أن يحافظ فيه بعض الوزراء على مناصبهم. وتبلغ توري من العمر 50 عاما، وأكدت بعيد خروجها من لقاء مع الرئيس صال، أنها «تتشرف بتولي قيادة الحكومة الجديدة»، وأشادت ب«العمل الجبار» الذي قالت إن سابقها مباي تمكن من تحقيقه، مؤكدة إصرارها على مواصلة العمل من أجل تطوير وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين في البلاد. وشاركت توري بشكل فعال في الحملة الانتخابية التي قادت صال إلى الحكم، بعد تغلبه على الرئيس السابق واد في انتخابات رئاسية شهدت أعمال عنف هي الأولى من نوعها في السنغال التي عرفت بالاستقرار السياسي، حيث تعد الدولة الوحيدة في غرب أفريقيا التي لم تعرف انقلابات عسكرية. ودرست توري الاقتصاد في السنغال وفرنسا، وسبق لها أن عملت في وكالات دولية تابعة للأمم المتحدة. ومنذ تعيينها وزيرة للعدل في حكومة مباي المقالة، استطاعت أن تدير ملفات مهمة على رأسها ملف الرئيس التشادي السابق حسين حبري المعتقل في دكار، والذي يستعد للمحاكمة خلال الأشهر المقبلة بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية ارتكبها حين كان رئيسا لتشاد. كما تولت توري إدارة ملف قضايا الفساد التي يعتقد أن رموز نظام الرئيس السابق عبد الله واد تورطوا فيها خلال إدارتهم للبلاد، وعلى رأس لائحة المتهمين ابن الرئيس السابق كريم واد، الذي سبق أن شغل منصب مستشار الرئيس ثم وزيرا في عدد من القطاعات الحيوية.