يكشف تقرير دولي حديث، صادر عن الاتحاد الدولي للغاز، مدى تغلغل دولة قطر في السوق الغازية الأوربية، حيث باتت أكبر مصدر لهذه المنطقة وأصبحت تتفوق على الجزائر حتى في أسواقها التقليدية، كإسبانيا وإيطاليا وفرنسا. ورغم أن الصادرات الرئيسية لقطر مازالت تتركز في السوق الأسيوية، إلا أنها تعاني من اشتداد المنافسة مع أستراليا في هذه السوق، ما دفعها في السنوات الأخيرة إلى تبني إستراتيجية اقتحام السوق الأوربية، ونجحت إلى الآن في إزاحة دول معروفة بهيمنتها على هذه السوق، كروسيا والجزائر والنرويج. أوضح تقرير الاتحاد الدولي للغاز لسنة 2012، أن الصادرات الجزائرية من الغاز الطبيعي في سنة 2012 انخفضت إلى 11.03 مليون طن، مقابل 12.59 مليون خلال نفس الفترة المرجعية، و14.26 مليون طن في سنة 2010. وتأتي فرنسا في قائمة الدول المستوردة للغاز الجزائري ب3.15 مليون طن، تليها تركيا ب3.10 مليون طن، ثم إسبانيا ب2.66 مليون طن، وإيطاليا 0.72 مليون طن. أما الصادرات الجزائرية للسوق الأسيوية، فتظل ضعيفة نسبية بسبب بعد المسافة، حيث لا تتجاوز 0.73 مليون طن. واللافت أن قطر صارت تتفوق على الجزائر في تصدير الغاز لدول كانت إلى وقت قريب من الزبائن التقليديين للجزائر، حيث تبلغ صادرات الغاز القطري إلى إيطاليا 4.24 مليون طن، بينما لا تتجاوز الصادرات الجزائرية إلى هذا البلد الذي تربطه به أنبوب نقل للغاز 0.72 مليون طن. وتكاد تتقارب الصادرات القطرية والجزائرية إلى إسبانيا، الزبون الهام للجزائر، حيث تقدر ب2.98 و2.66 مليون طن على التوالي، في حين تتجاوز الصادرات الجزائرية إلى فرنسا نظيرتها القطرية، حيث تقدر 3.15 مليون طن و1.35 مليون طن على الترتيب. من جهة أخرى، أكد التقرير الذي صدر في 21 أوت الجاري، أن الجزائر لا يمكنها أن تلبي الطلب المتنامي على الغاز الطبيعي في العالم، خاصة أن مشاريعها تهدف إلى تجديد احتياطيها من الغاز الذي بدأ يتراجع، شأنها شأن قطر التي بلغت حدها الأقصى في الإنتاج بعد أن أقامت في سنة 2011 أكبر مصنع لها لتمييع الغاز، لذلك يستشرف التقرير أن تكون أستراليا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، بعد أن يضاف إلى إنتاجها الحالي 62 مليون طن من مشاريعها المنتظرة التي بلغت نسبة إنجازها 64 بالمائة حاليا وقد تكتمل في غضون 2015. وأشار التقرير أن إنتاج الغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مهدد بالتراجع في السنوات القادمة بفعل الاضطرابات السياسية التي تعصف بدول المنطقة، حيث توقّع التقرير أن ينخفض الإنتاج القطري الذي يسير بأقصى طاقته ولا يمكنه تجاوز ذلك مستقبلا، وأوضح أن الاضطرابات في دول منتجة كاليمن ومصر ليبيا، أدت إلى انخفاض الإنتاج العالمي لأول مرة منذ عشر سنوات إلى 237.7 مليون طن. وحسب التقرير، فإن من شأن هذه الديناميكية لسوق الغاز الطبيعي في العالم أن تحرر أسعار الغاز من الارتباط بأسعار البترول، وهو ما تخشاه الجزائر التي رفضت مرارا محاولة ربط أسعار الغاز بالعرض والطلب، حتى تتغير أسعاره يوميا مثل البترول، ويباع فيما يعرف ب«أسواق السبوت" أي بعقود قصيرة الأجل. وتصر الجزائر على العقود طويلة الأجل، حتى تحتفظ الأسعار بالثبات لمدد طويلة. ومعروف أن قطر تناسبها جدا العقود قصيرة الأجل، لأنها تبيع الغاز المميع عبر الناقلات العملاقة، أما الجزائر وروسيا فليس من مصلحتها ذلك، وعليها أن تدافع عن إبقاء العقود طويلة الأجل قدر المستطاع.