في غمرة الاحداث المتسارعة للعملية الارهابية التي قامت بها مجموعة مسلحة إسلامية متطرفة، والتي احتجزت على إثرها رهائن ينتمون لعدة دول غربية، ومع سيل الاخبار والمستجدات التي تتحدث عن العمليات الميدانية، لم تعر وسائل الاعلام والمحللون السياسيون اي اهتمام لما يمثله حقل البترول ب"إين اميناس" بالنسبة للاقتصاد الجزائري. والحقيقة ان سرعة العملية العسكرية، للوحدات الخاصة التابعة لقوات الجيش الجزائري أمس، بغية تحرير الرهائن المحتجزين، وترجيح خيار القوة بدل الخيار السياسي وفتح المفاوضات التي طالب بها الإرهابيون، يفصح عن خشية الجزائر تكبد خسائر على مستوى الايرادات المالية التي يحققها انتاج وتسويق غازها الطبيعي وبالأخص نحو اوربا وبالتالي تقويض اسس النظام السياسي الذي يقوم بالأساس على ريع الغاز والبترول.
إن سكوت وسائل الاعلام الجزائرية وتفادي الحديث عن حجم انتاج الغاز بالمنطقة، وما يمثله ضمن مجموع الانتاج الوطني الجزائري المُصدَّر للخارج، يؤكد بالملموس ما قامت به وحدات الجيش الجزائري من تدخل والسرعة الفجائية التي نفذت بها العملية والتي امتدت تداعياتها إلى الدول الغربية وذلك لما شكله ذلك من خطورة على رهائن هذه الدول.
ولمعرفة بعض خلفيات هذه العملية وجب التذكير إلى ان حقل "تيكنتورين" ب"إين أميناس" يمثل 18 في المائة من صادرات الجزائر إلى الخارج.
وقد اكدت مجموعة Snam الايطالية لنقل الغاز أن تدفق هذا الاخير عبر انبوب النقل الرابط بين الجزائر وايطاليا قد انخفض امس الخميس بمعدل 17 في المائة بالمقارنة مع ما هو معتاد.
ورغم ان بعض المصادر تتحدث عن محدودية تأثير احتجاز الرهائن على الانتاج الوطني بحيث لم يمسّ هذا الحادث الارهابي إلا 2 في المائة من الصادرات إلى اوروبا، إلا ان هذه الاقوال لا يمكن ان تحجب المعطيات التي تتحدث عن ان مركب "إين اميناس"لانتاج الغاز ينتج 9 مليارات من الامتار المكعبة سنويا وهو ما يوازي 12 في المائة من الانتاج الوطني الجزائري و 18 في المائة من صادراتها نحو الخارج.
وحسب نفس المجموعة الايطالية "سنام" فإن حجم تدفق الصادرات الجزائرية عبر انبوب النقل الغازي Transmed يقدر اليوم بحوالي 62 مليون متر مكعب يوميا مقابل 75.2 مليون في الايام العادية.
أما عن القيمة الانتاجية في السوق حسب السعر الجاري فإن هذا الانتاج يقدر بحوالي 3.9 مليار دولار، وهو ما لا يمكن للجزائر ان تسمح بالمساس به او ضياعه، لذا كان من المفروض الضرب بقوة والتدخل بسرعة قبل فوات الاوان ولو على حساب حياة الرهائن..