منذ أن أعلنت الحكومة الموريتانية نهاية الأسبوع تأجيل الانتخابات التشريعية والبلدية إلى 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حتى بدأ الجدل من جديد حول موقف منسقية أحزاب المعارضة التي سبق أن أعلنت مقاطعتها للانتخابات، وطالبت بتأجيلها حتى التوصل إلى توافق وطني يضمن شفافيتها. وفي هذه الأثناء، تحدثت بعض المصادر ل«الشرق الأوسط» عن وجود «تباين في وجهات النظر» بين أحزاب منسقية المعارضة، حيث يسعى حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، ذي المرجعية الإسلامية إلى المشاركة في الانتخابات وعدم ترك الفرصة للحزب الحاكم من أجل الانفراد بها والهيمنة على البرلمان طيلة السنوات الخمس المقبلة، وفق ما أكده مصدر من داخل الحزب ل«الشرق الأوسط». وأكد المصدر ذاته أن «قادة الحزب يرون أن الحكومة الموريتانية قدمت تنازلات معتبرة من قبيل تأجيل الانتخابات والقبول بتشكيل مرصد انتخابي، وتوسيع اللجنة الانتخابية لتضم المعارضة، وأشياء أخرى مهمة مكنتهم من الاقتناع بوجود أجواء مواتية للمشاركة في الانتخابات». وترفض أحزاب أخرى من بينها حزبا تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، أكبر أحزاب المعارضة، المشاركة في الانتخابات قبل تقديم ضمانات من طرف النظام تكون عربون ثقة في نزاهة الانتخابات؛ وتسترجع هذه الأحزاب ذكريات الانتخابات الرئاسية سنة 2009، التي تقول إن النظام زورها لصالحه بعد مشاركة المعارضة فيها قبل الحصول على أي ضمانات. وأبدت مصادر «الشرق الأوسط» قلقها من تحول هذا التباين في وجهات النظر إلى «خلاف قوي» قد ينتهي بتفكك المنسقية التي تضم 11 حزبا، كانت قد وقعت منذ أكثر من عام على ميثاق شرف يضمن توحد مواقفها الساعية إلى الإطاحة بنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يتهمونه بالفساد. ومن جهته، نفى الأمين العام لحزب اتحاد قوى التقدم محمد المصطفى ولد بدر الدين، ل«الشرق الأوسط» وجود أي خلافات داخل المنسقية حول المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها؛ مشيرا إلى أن حزب اتحاد قوى التقدم والمنسقية بشكل عام لم يحددوا موقفا نهائيا حول المشاركة في الانتخابات. هذا ومن المنتظر أن يعقد قادة أحزاب منسقية المعارضة اجتماعا اليوم، لتحديد موقف نهائي بخصوص المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها؛ فيما رجحت مصادر خاصة ل«الشرق الأوسط» أنه «أمام تصلب مواقف الأحزاب المعارضة بين التمسك بالمشاركة ورفضها، يصبح الاحتمال الأكثر قوة هو تفكك المنسقية ومشاركة بعض الأحزاب ومقاطعة أحزاب أخرى». وفي غضون ذلك، قالت المسؤولة الإعلامية السابقة لحزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض، منى منت الدي، إنها «صدمت بعد ما سمعت عن احتمال دخول حزب (تواصل) في مهزلة انتخابات غير متكافئة ولا تتمتع بأدنى حد من الشفافية»، معبرة عن أسفها على «حزب كبير ومهم يرمي نفسه هذه الرمية القاتلة ويفارق رفاق دربه إلى حيث ينعدم الأمل وتقل الحظوظ»، وفق تعبيرها. وأضافت منت الدي موجهة الخطاب إلى الحزب الإسلامي: «تذكروا أنكم وقعتم معنا ميثاق شرف أمام الله وأمام الشعب على ألا تدخلوا مع النظام في أي انتخابات دخولا منفردا عن بقية الأحزاب، وأعلنتم ذلك أمامنا وأشهدتم الله والشعب على ذلك الميثاق، فكيف تنقضون عهد الله والشعب وأنتم تحملون لواء الدين الإسلامي وشعاراته من بين الأحزاب وتعرفون مكانة المواثيق والعهود في ديننا الحنيف». وفي ظل تزايد التوتر بين أحزاب المعارضة، أكدت مصادر ل«الشرق الأوسط» أن الوزير الأول (رئيس الوزراء) مولاي محمد لغظف، يستعد لتوجيه رسالة رسمية إلى قادة منسقية أحزاب المعارضة يدعو فيها لعقد اجتماع معهم سيبلغهم خلاله استعداد الحكومة لتقديم ضمانات من أجل أن يشاركوا في الانتخابات. وحسب هذه المصادر فإن الضمانات التي سيقدمها لغظف تشمل توسيع اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات حتى تشمل المعارضة، وتشكيل مرصد انتخابي لمراقبة العملية الانتخابية، ثم فتح قناة اتصال مباشرة مع قادة المعارضة من أجل أخذ جميع ملاحظاتهم حول الانتخابات بعين الاعتبار من طرف الحكومة.