في ظل الجدل الدائر في موريتانيا منذ تحديد الحكومة لموعد الانتخابات التشريعية والبلدية، يوم 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، خرج الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عن صمته ليؤكد أن تأجيل الانتخابات غير مطروح، رغم إعلان منسقية المعارضة التي تضم 11 حزباً سياسياً مقاطعتها لهذه الانتخابات بحجة عدم توفر الظروف التي من شأنها أن تضمن معايير الشفافية والحرية والنزاهة. الرئيس الموريتاني الذي كان يتحدث خلال برنامج تلفزيوني حواري دأب على تنظيمه بمناسبة الاحتفال السنوي بوصوله إلى الحكم في الانتخابات الرئاسية سنة 2009, قال إن «الانتخابات لم يعد بالإمكان تأجيلها، واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات هي من يؤجل الانتخابات وإذا قررت تأجيلها بأسبوع أو اثنين فذلك مسألة طبيعية وعادية، ولكن لا يمكنها تجاوز ذلك، وبالتالي ستتضح الامور كلها في نهاية أكتوبر الأمور ، ولن يكون هنالك تأجيل حتى عام 2014 لأننا سننظم فيها انتخابات رئاسية لا يمكن تأجيلها». ودعا ولد عبد العزيز أحزاب المعارضة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات إلى المشاركة فيها، مبدياً استعداده للقبول بالشروط التي تتقدم بها من أجل أن تثق في العمل الذي قامت به الحكومة للتحضير لهذه الانتخابات، وقال في هذا السياق «نود أن نعرف هذه الشروط التي يطرحها البعض والتي ستجعلهم يشاركون في الانتخابات، لقد شكلنا لجنة مستقلة لها ، ووضعنا أربعة عشر قانونا تحسن من الظروف الانتخابية؛ فكلما تقدمنا خطوة باتجاههم يتقاعسون بأربع خطوات أو خمس عنا». وأضاف ولد عبد العزيز أن «أكثر من مائة حزب سياسي توجد في موريتانيا، والانتخابات لن تعدم مشاركين فيها، وإذا غاب خمسة أو ستة أحزاب عن هذه الانتخابات فلن تكون هنالك مشكلة ولكن لا أود أن نصل لهذه المرحلة، لذا فإنني أريد منهم أن يشاركوا وأطلب منهم ذلك، وإذا كانوا لا يريدون سوى المشاركة في الحكومة، فعليهم تحصيل أكبر قدر من النواب وسيتحكمون في الحكومة والدولة، كما أن أمامهم أيضا انتخابات رئاسية في ظرف سنة فقط». وقال النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» المعارض، السالك ولد سيدي محمود، ل»الشرق الأوسط»،إن «دعوة ولد عبد العزيز للمنسقية إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة مجرد كلام لا يستحق أي رد من المنسقية، لأنه لا يمثل ضمانة يمكن الاعتماد عليها حول شفافية هذه الانتخابات». وأضاف ولد سيدي محمود أن «حديث ولد عبد العزيز عن عدم إمكانية تأجيل الانتخابات لا يعني حتمية تنظيمها في الموعد الذي حددته الحكومة، لأنه في الماضي سبق أن تراجع عن انتخابات كان قد أعد لها ورفض جميع المطالب بتأجيلها، ولكنه في النهاية رضخ للمعارضة وأجل الانتخابات». وكان اعل ولد محمد فال، الرئيس الموريتاني الأسبق والناشط في صفوف المعارضة، دعا في وقت سابق إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية والبلدية، محذراً من مغبة مجاراة النظام في تنظيم الانتخابات التي وصفها ب«المهزلة والمناورته الانتخابية الأحادية المعروفة النتائج سلفا»، معتبراً أن «هذه الانتخابات لن تزيد الأوضاع إلا تعقيدا وتأزما». ولد محمد فال الذي يفضل في أغلب الأوقات الابتعاد عن الإعلام، أصدر أول من أمس بيانا وزع في العاصمة نواكشوط، دعا فيه كافة المواطنين والفاعلين السياسيين «الشرفاء»، إلى مقاطعة الانتخابات التي وصفها ب»الخرجة الانقلابية الأحادية»، داعياً في نفس السياق إلى انتظار التوصل لحل سياسي تشاركي حقيقي» قبل الدخول في أي مغامرة انتخابية، على حد تعبيره. وتوجه المعارضة للرئيس الموريتاني تهماً بالفشل في تسيير البلد والفساد؛ غير أن ولد عبد العزيز خلال البرنامج التلفزيوني الذي درج على تنظيمه كل سنة تحت اسم «لقاء الشعب»، بدأ بعرض شامل حول السنوات التي حكم فيها البلاد مع بعض المقارنات مع الوضعية في السنوات التي سبقتها متحدثاً عن تحقيق ما يقارب 80% من برنامجه الانتخابي، كما أشار إلى أن «الوضعية الاقتصادية للبلد تشهد نمواً مضطرداً، حيث جرى التحكم في التضخم وشهدت الأرصدة الخارجية زيادة كبيرة وارتفعت نسبة الواردات»، مؤكداً أن «الحرب التي شنها على الفساد والتي كانت تشكل أحد أهم أركان برنامجه الانتخابي مكنت خزينة الدولة من استعادة أكثر من مليار أوقية (330 مليون دولار تقريباً)». وأشاد الرئيس الموريتاني بالسياسة الأمنية التي انتهجها منذ وصوله إلى السلطة معتبراً أن بلاده أصبحت مثالاً على المستوى العالمي من ناحية نجاح سياساتها الأمنية وسيطرتها على منافذها الحدودية. وفيما يتعلق بالوضع في مالي، ومشاركة موريتانيا في قوات حفظ السلام الأممية، أكد ولد عبد العزيز أن مالي والأمم المتحدة ودول أخرى طلبت من موريتانيا المشاركة في هذه القوات، وأشار إلى أن «موريتانيا مستعدة للمشاركة فيها ولكن بشرط أن تنشر جنودها في المناطق المحاذية والقريبة من حدودها»، واعتبر ولد عبد العزيز أن ذلك يعود إلى «رغبة السلطات الأمنية الموريتانية في تواصل الدائم مع جنودها وأن تكون قادرة على إمدادهم في أي وقت»؛ وخلص إلى أنه «عندما تتم تلبية هذا الطلب فموريتانيا سترسل جنودها إلى مالي».