ثمة وجه أخر للخلاف بين مدريد وجبل طارق، ينعكس سلبا على صيادي السمك الإسبان، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة عراقيل تحول بينهم وبين كسب رزقهم اليومي الذي يتمثل في محصول شباكهم من ثمار البحر. وتبعا لذلك،وكما أوضحت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها، يشعر صيادو السمك الاسبان بالقلق بعد الإجراءات التي اتخذتها حكومة جبل طارق من اجل حماية الثروة السمكية في مياهها، وأثارت بذلك غضب مدريد وتوترا بين اسبانيا وبريطانيا. وتظاهر عدد من هؤلاء الصيادين أمس الأحد في أسطول من 38 قاربا باتجاه جبل طارق، مطالبين سلطات جبل طارق بإزالة سبعين حاجزا إسمنتيا وضعتها في البحر لمنعهم من صيد السمك. وأغلقت دوريات البحرية البريطانية وشرطة جبل طارق الطريق أمام قوارب الصيادين المحتجين ،ومنعتهم من الدخول الى المياه المختلف عليها في المنطقة المحيطة بالحاجز الأسمنتي الذي أثار خلافا حادا بين لندنومدريد. وتؤكد حكومة جبل طارق التي لا تملك اسطول صيد تجاري ، أن الزوارق الاسبانية تفرط في صيد السمك ،الأمر الذي يستنفذ الاحتياطي من السمك. وهي تريد فرض قانون حول حماية البيئة ترفضه اسبانيا التي تعتبر مياه تلك المنطقة تابعة لمياهها الإقليمية. وتقول حكومة الجيب البريطاني أن الرصيف سيسمح بتكاثر السمك. لكن صيادي السمك في الأندلس، المنطقة الاسبانية الأكثر تضررا من هذه الأزمة الاقتصادية، يقولون إنها تحرمهم من أفضل مياه صيد السمك. وقال فرانثيسكو غوميث (51 عاما) وهو يسحب شباكه من البحر محملة برخويات "هذه ليست جيدة كالتي نصيدها هناك"، مشيرا إلى منطقة أصبح لا يستطيع الصيد فيها منذ بضعة أيام في خليج جبل طارق. وأضاف صاحب زورق الصيد "ديفينا بروفيدنسيا" القديم الذي يبلغ طوله ثمانية أمتار، ويرفع العلم الاسباني "هناك يمكننا أن نصيد ما بين ثلاثين وستين كلغ من صدف الرخويات في اليوم الواحد نبيعها بتسعة يورو الكيلوغرام الواحد، اما هنا فلا نصيد سوى الصدف الصغير الذي لا يتجاوز سعره اثنان يورو، فضلا عن أن عددهم اقل". اما خوان مورينتي (74 عاما) الذي كان في ميناء مدينة لينيا دي لا كونسيبسيون الاسبانية الواقعة عند الحدود مع جبل طارق البريطانية أن إجراءات جبل طارق "تدفع بنا نحو الإفلاس". ويخرج أبناء مورينتي ايضا الى الصيد ويرمون شباكهم بعيدا عن المياه التي تتنازع عليها اسبانيا وجبل طارق. وقال ابنه خوان (43 عاما) الذي يعمل في صيد السمك منذ شبابه انه في لينيا دي لا كونسيبسيون "عندما تنتهي من المدرسة، تذهب إلى الجامعة أو تخرج إلى البحر للصيد". وتعاني هذه المنطقة من البطالة التي تطال 35,8% من اليد العاملة في إقليم الأندلس الزراعي جنوباسبانيا. ويفسر هذا الوضع الاقتصادي الصعب رفض البعض التوقف عن الصيد في المياه القريبة من "الصخرة". وقال الياس ماركيث (56 عاما) وهو على زورقه على مسافة قريبة من الرصيف الاسمنتي "في الوقت الراهن سأظل هنا لأن الصيد جيد، لكن عندما لن يتوفر شيء سأقترب أكثر. أنا أصيد هنا منذ 43 سنة، ولا أخاف من الكتل الإسمنتية ولا من شرطة جبل طارق". وأكد غوميث "اعتقد اننا نحن صيادي السمك نعرف عن البيئة أكثر من السياسة"، موضحا أن سلطات جبل طارق اتهمته في مايو بدخول المياه البريطانية وممارسة الصيد "بشكل غير قانوني والملاحة المتهورة وبإهانة السلطات". وأضاف "إذا أرادوا حماية البيئة، فعليهم أولا بإزالة محطات الوقود العائمة" التي تشكل نقطة خلاف أخرى بين جبل طارق واسبانيا. وتتهم بريطانيا اسبانيا بالقيام بخطوات انتقامية بفرض إجراءات تفتيش جمركية مفرطة عند حدود جبل طارق مع اسبانيا ما يتسبب في تأخير مرور السيارات لساعات.