تعبيرا عن احتدام المعركة السياسية بين الإسلاميين والليبراليين, وفي تطور سياسي لافت للانتباه, قد يعني انهيار الحكومة الانتقالية في لبيبا برئاسة الدكتور علي زيدان, أعلن تحالف القوى الوطنية الذي يقوده السياسي الليبرالي البارز الدكتور محمود جبريل انسحابه من المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة. وتتكون حكومة زيدان التي تشكلت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من 29 وزيرا، من بينهم أربعة على الأقل من تحالف جبريل، الذي يعتبر أكبر الخصوم السياسيين لحزب العدالة والبناء، الذي يعتبر الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. ويهيمن تحالف جبريل و«الإخوان» على معظم المقاعد ال80 المخصصة للأحزاب داخل المؤتمر المكون من 200 عضو, بينما يتوزع مؤيدوهم على بقية المقاعد ال120 المخصصة أساسا للمستقلين. ولم يصدر على الفور أي بيان رسمي من الحكومة الليبية ردا على موقف تحالف جبريل, بينما أكد مسؤول ليبي ل«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من العاصمة طرابلس، مجددا، أن حكومة زيدان باقية في عملها، وأن زيدان نفسه لن يستقيل, مؤكدا على ما وصفه بقدرة هذه الحكومة على تجاوز مسألة انسحاب فصيل سياسي منها, على حد قوله. وقال تحالف القوى الوطنية في بيان أصدره أمس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه استجابة للمؤتمرات التي عقدت شرق البلاد وغربها وللمظاهرات الكثيرة ومطالبها، فإنه يعلن تجميد مشاركته في العملية السياسية ممثلة في المؤتمر والحكومة إلى حين إقرار الدستور الذي ينظم الحياة السياسية، بحيث يكون لأعضاء التحالف، سواء في المؤتمر أو الحكومة، حرية الاختيار كأفراد بين الاستمرار من عدمه. واعتبر التحالف في بيانه الذي حمل عنوان «إلى 933 ألف ناخب ليبي», أن الأحداث المؤسفة في الأيام الأخيرة في كل من بنغازي وطرابلس وغيرها بما فيها اغتيال شهيد الثورة عبد السلام المسماري إنما هي أحداث خططت ونفذت لإثبات أن الجيش الضعيف والشرطة الضعيفة لن يستطيعا حماية أمن الوطن والمواطن، وبالتالي يصبح ذلك مبررا لرئيس المؤتمر ليصدر قرارا منفردا بتفويض الدروع والكتائب المسلحة لتحمي الشرعية. وتابع: «وهي الكتائب ذاتها التي اعتدت على الشرعية واقتحمت المؤتمر الوطني وضربت أعضاءه وأهانت رئيسه وحاصرت وزاراته وفرضت قانون العزل السياسي بقوة السلاح، ليس ذلك فقط، بل يتم صرف نحو المليار دينار ليبي لهذه الدروع والتشكيلات من السيد رئيس الوزراء، وفي الوقت ذاته فإن السعي حثيثا لعرض قانون الحرس الوطني ليتم إصداره من قبل هذا المؤتمر لتكتمل حلقة اغتيال فرصة بناء الجيش الوطني». ولفت التحالف إلى أنه اتخذ في الأيام الماضية قرارا بتعليق عضوية أعضائه في المؤتمر حتى لا يكون مشاركا في إصدار قرارات وقوانين، مشيرا إلى أنه طالب رئيس الحكومة بالكشف عن ملابسات اغتيال الشهيد المسماري وكثير من ضباط الجيش والشرطة والليبيين، ومنحه ثلاثة أيام يقوم بعدها التحالف في حالة عدم تحقق ذلك بسحب وزرائه من الحكومة. وقال البيان إنه تم إبلاغ أعضاء كتلة التحالف أن أمن بنغازي سيناقش في جلسة طارئة، قبل أن يكتشفوا أن جدول الأعمال كان مختلفا تماما، وأن حضورهم كأنما كان مطلوبا فقط لاستكمال النصاب القانوني للجلسة، معتبرا أن أعضاء التحالف أخطأوا خطأ فادحا بعدم الانسحاب فورا من الجلسة، عند اكتشافهم لهذا الأمر. وبعدما شدد على أن المناصب السيادية، ومن بينها رئيس ديوان المحاسبة، يجب أن يكون ولاء شاغليها لله أولا ثم للوطن، ولا يجب أن ينتموا إلى أي كيان سياسي على الإطلاق، تساءل البيان: «هل انتخاب عضو بارز في العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لتولي المنصب يعتبر أمرا داعما لإقامة دولة الشفافية والعدل والقانون ومحاربة الفساد أيا كان مصدره، وكيف لرئيس المؤتمر أن لا ينبه إلى ذلك؟ وكيف لمن صوّت لصالح هذا الأمر أن يرتضيه لنفسه وأمام ناخبيه؟». كما تساءل: «هل نحن في ليبيا الآن أمام إجراءات استباقية سريعة تنفذ للسيطرة على مفاصل الدولة مخافة من أن يتكرر في ليبيا ما حدث في مصر؟»، مؤكدا أنه إذا كان الأمر كذلك فإن القراءة لدى هؤلاء خاطئة بالمطلق، فما حدث في مصر كان سببه الرئيس السيطرة على مفاصل الدولة وإقصاء الآخرين وليس العكس. إلى ذلك, أعلنت اللجنة الأمنية العليا المؤقتة بالعاصمة طرابلس انضمام جميع أفرادها إلى مديرية الأمن الوطني تفعيلا لقرار حكومي صدر مؤخرا في هذا الصدد. وأكدت اللجنة في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية أن هذه الخطوة تأتي في إطار استكمال عملية دمج اللجان الأمنية ضمن إدارات وزارة الداخلية وأجهزة الشرطة, مشيرا إلى أن نشاط فرعها سيقتصر في هذه الفترة على إنجاز الأعمال الإدارية العالقة ومتابعة لجان قبول وتدريب منتسبي الفرع.