مع كل موسم رمضاني تظهر مجموعة من الفتاوى التي تُصنف ضمن فئة الغرائب والطرائف أحياناً، إذ لا يخلو هذا الشهر من شيوع بعض الآراء التي ينقسم حيالها الناس، فمنهم من يتجنبها ويتجاهلها لعدم إيمانه بها واقتناعه بمحتواه، في مقابل آخرين يأخذون بها لتوافقها مع أهوائهم، وكونها تخدم شيئاً ما يرغبون بالقيام به، فيما يقف البعض موقف الحياد انطلاقاً من كونها جاءت من اجتهاد لا عن عبث. شهر رمضان كان مجالاً رحباً لعدد من الفتاوى التي واجهت الكثير من الرفض، فكان من بين تلك الفتاوى جواز إفطار اللاعبين المسلمين إذا كانوا على ارتباط بمباريات أو معسكرات مع أنديتهم، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الكثير منهم، في حين أن بعضهم يُصرّ على مواصلة الصيام على رغم إجهاده، وذلك لعدم تقبّله لتلك الفتوى. وفي الوقت الذي يُعرف فيه الصيام بأنه الإمساك عن المُفطرات بمختلف أشكالها من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، جاءت فتوى مصدرها إيران، يرى مُطلقها بجواز شرب الماء في نهار رمضان في حال الشعور بالعطش الشديد وعدم القدرة على مقاومته. وأثارت فتوى آية الله العظمى أسد الله بيات زنجاني أن «من لا يستطيع تحمّل العطش يمكنه شرب ما يكفي لريّ عطشه، ولن يفطر»، جدلاً بين رجال الفقه في البلاد، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الإيرانية الخميس. من جهته، استبعد آية الله العظمى ناصر مكارم الشيرازي جواز «الصيام والشرب في الوقت نفسه»، مكرراً أن الإفطار ينبغي تعويضه في وقت لاحق من العام. ولم تكن تلك الفتوى هي الوحيدة في رمضان، فضمن سباق محتدم في مضمار الفتاوى الرمضانية صدرت فتوى أخرى لا يقل ضجيجها عن الفتوى الإيرانية، إذ تمثّلت في إمكان الاحتكاك بأجساد النساء في الأماكن التي تشهد الازدحام البشري، حتى لو انتهى هذا الاحتكاك ب«القذف». يقول الداعية المغربي المثير للجدل عبدالباري الزمزمي: «الاحتكاك بين المرأة والرجل في الحافلات لا يفسد الصيام حتى لو نتج منه قذف». وأكد أن الشهوة الجنسية التي تنتج من الاحتكاك بين الرجل والمرأة في وسائل النقل لا تفسد الصيام، حتى لو وصلت إلى درجة القذف، لأنه لا حرج في هذه الظروف الاضطرارية، خصوصاً في ظل غياب بديل عن هذه المواصلات المكتظة، وإلا فكيف سيتمكن المرء من الالتحاق بمنزله أو عمله». كما قال الزمزمي إنه يجوز للزوج أن يقبّل زوجته خلال الصيام، إذ إن القُبْلة لا تفسده، ومن ثمّ فإن الاحتكاك بين الجنسين في وسائل النقل لا يفسد الصيام ما دامت النية ليست إشباع اللذة الجنسية أو إثارتها، مشبهاً الأمر بمثل الصائم الذي يأكل أو يشرب ناسياً، والذي يعتبر صومه صحيحاً ما دام أنه مغلوب على أمره وغير متعمّد لذلك الفعل. الداعية عدنان العرعور كان له حضوره في الفتاوى الرمضانية، إذ تناقل رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» فتوى تحمل اسمه، يوضّح فيها أن «العادة السريّة» لا تجوز في رمضان وفي غيره، لكنها لا تُفطّر. واجهت تلك الفتاوى عدداً من ردود الأفعال المتباينة، كما أنها في الوقت ذاته تحظى بقدر لا بأس به من النقاش والبحث من المتلقين لها، الأمر الذي يصاحبه تخوّف من البعض بأنها قد تجد من يأخذ بها ويسير وفقها، في الوقت الذي تعتبر فيه - بحسب منظورهم - بعيدة عن الدين ولا تمت له بصلة.