المعلومات الرسمية بخصوص عودة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى الجزائر منعدمة، رغم أن ‘مصادر دبلوماسية' وأخرى ‘رئاسية' قالت الأحد والإثنين الماضيين إن بوتفليقة سيعود ‘خلال ساعات'، وأن وضعه الصحي تحسن كثيرا. ورغم مرور ثلاثة أيام على صدور هذه المعلومات التي سربت لوسائل إعلام فرنسية، إلا أن بوتفليقة لم يظهر، خاصة وأن المصادر التي تحدثت إلى ‘الفيغارو' و'لوموند' أكدت على أن صحة بوتفليقة أفضل مما يعتقد الكثير من الجزائريين وأحسن مما توقع أطباؤه. وإلى غاية كتابة هذه السطور لم يظهر أي شيء جديد بخصوص رجوع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلا ان بعض الصحف واصلت عملية الإعلان المشوب بالحذر لهذه العودة التي ترقبها الشعب الجزائري، خاصة وأن بوتفليقة موجود بفرنسا منذ 27 نيسان/ أبريل الماضي، بعد إصابته بجلطة دماغية، نقل على إثرها إلى مستشفى فال دوغراس ومنه إلى مستشفى ليزانفاليد العسكريين. وذهبت صحف أخرى إلى الكشف عن أجندة الرئيس خلال رمضان، والتأكيد على أنه سيعقد جلسة محاسبة جماعية للوزراء، من أجل التطرق إلى ما يجري داخل أهم القطاعات الوزارية، مع أن بوتفليقة الذي تعود أن يعقد جلسات استماع للوزراء بشكل فردي خلال شهر رمضان، تخلى عن هذا التقليد في رمضان الماضي، وبعد أن تدهورت أوضاعه الصحية فإن المسألة تبدو أكثر تعقيدا هذه المرة. ويبقى التساؤل قائما بشأن الصمت الرسمي عن موعد عودة الرئيس بوتفليقة، مع أن السلطات أكدت في البداية أنها تلعب ورقة الشفافية، إذ سارعت بنشر بيان جاء فيه أن بوتفليقة تعرض لما أسمتها نوبة إقفارية عابرة (قبل أن تعترف في وقت لاحق بأنه تعرض إلى جلطة دماغية) وأنه بعد الفحص تقرر نقله إلى باريس من أجل مواصلة الفحوصات، وأصدرت بعدها السلطات نشرتين بخصوص صحة بوتفليقة، فضلا عن التصريحات المتكررة للمسؤولين الجزائريين بخصوص تطورات وضعه الصحي، وبعد أن تزايدت الإشاعات اضطرت السلطات إلى إظهار صور الرئيس وهو يستقبل رئيس الوزراء عبد المالك سلال وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، والتي ظهرت من خلالها آثار الجلطة الدماغية التي تعرض لها، فهل ستعلن السلطات عن عودة بوتفليقة بشكل رسمي، أم أنها لن تفعل، حتى يظهر بوتفليقة في مناسبة قادمة. كما أن الإشكال القائم هو هل سيكون بمقدرة بوتفليقة مواصلة مهامه الرئاسية، على خلفية الجلطة الدماغية التي تعرض لها، مع الإشارة إلى أن أوضاعه الصحية كانت متدهورة طوال السنوات القليلة الماضية، وذلك منذ تعرضه إلى وعكة صحية في سنة 2005، والتي قيل آنذاك أنها مجرد قرحة معدية، لكنه نقل أيضا إلى مستشفى فال دوغراس، وقضى في فرنسا عدة أسابيع بين علاج وفترة نقاهة، ورغم ذلك فإن نشاطه وأداءه تراجعا كثيرا منذ عودته في يناير/ كانون الثاني 2006. الأكيد أن تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة ليس في أجندة السلطة الجزائرية، أو على الأقل لن تسعى إليها، خاصة وأن بوتفليقة من المستبعد أن يستقيل، كما أن المؤسسة العسكرية، ورغم الدعوات التي وجهت لها من أجل التدخل، ووضع حد لحالة الشلل الذي تعيشه البلاد بسبب مرض الرئيس، إلا أن الجيش رد على تلك الدعوات بالتأكيد على أنه لن يتدخل في الشأن السياسي، وأنه ملتزم بالمهام المخولة له دستوريا، وبالتالي فإن الوضع الحالي مرشح للاستمرار على ما هو عليه إلى غاية أبريل/ نيسان 2014 موعد إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة.