صدرت أخيرا عن منشورات دار Editions Polyglotte بفرنسا، في حلة أنيقة، أنطولوجيا مختارة لشعراء مغاربة وفرنسيين موسومة ب"بأنطولوجيا الشعرالفرنسي والمغربي"،ويقع هذا العمل في 200 صفحة، من إعداد وتقديم وترجمة الشاعر والمسرحي والفنان التشكيلي نصر الدين بوشقيف . وتشكل هذه الأنطولوجيا التي أهداها صاحبها إلى بعض أصدقائه الشعراء، وفي مقدمتهم محمود درويش، ومحمد بنعمارة، ومحمد لقاح، ومارتين برودا، وآخرين، إضافة نوعية ليس للمشهد الشعري المغربي فحسب، ولكن أهميتها تشمل المشهد الشعريالكوني، باعتبار أن الشعر لغة كونية، أو من خلال لغة مولير التي صدرت بها، والتي تعطي للقارئ الغربي، فرصة أخرى لقراءة ما كتب بالعربية، التي نقل عنها المشرف على هذه الأنطولولجيا، النصوص التي اختارها بترجمة إبداعية خلاقة. تتمثل غاية الأنطولوجيا التي عبر عنها بشكل مركز مترجم العمل، في تحقيق أهداف ثقافية وحضارية من خلال الجمع بين ثقافتين مختلفتين، وحضارتين متغايرتين، يوحد بينهما حب الشعر، ولعل صدور الأعمال الشعرية المختارة بطريقة إبداعية صرف، تنم على احترافية في الترجمة، هو ما أعطى للنصوص مكاتنها المرموقة، كما تميز العمل بمنهجية متميزة في اختيار الشعراء المشاركين في هذا العمل، سواء منهم الفرنسين أو المغاربة، حيث لم يخط على عادة أغلب الأنطولولجيات المغربية، سواء منها الورقية، أوالالكترونية، والتي كانت تمثل فئة ثقافية أو حزبا، أوشلة، خاصة المدونات التي أنشأها بعض الشعراء المبتدئين، والتي قزموا الشعر عندما حصروها في شلةأصدقاء. في حين ضمن الشاعر نصر الدين بوشفيف أنطلوجيته نصوصا لشعراء من حساسيات مختلفة، حيث لم يكتف بالشعراء الكبار الذين ترجم لهم، وشاركوا في أنطولوجيته، من أمثال شعراء كبار كعبد الكريم الطبال، و عبد اللطيف اللعبي، وأحمد بلحاج آية وارهام، وعبد المجيد بنجلون والطاهر لكنيزي، بل أشرك أبرز الشعراء الشباب الذين يبصمون الساحة الشعرية المغربية في حضورهم النوعي في المشهد الشعري المغربي، خاصة منهم، الشعراء: طه عدنان، مصطفى الغرافي، فاطمة مرغيش، وفاء الحمري، مبارك الراجي، كمال أخلاقي، رشيد خديري. أو حتى الشعراء المبدتئين في أعمالهم الأولى. وقد كان ناصر الدين بوشفيق واضحا في هذا الصدد في مقدمته للكتاب، حيث أكد على ضرورة إعطاء الفرصة لهؤلاء، كي يعطى للقارئ نظرة بانورامية. وبالتالي يهدف نصر الدين من هذا العمل الذي شارك فيه بقصائده ، إلى مشاركة الآخرين نشوة الشعر ومتعته الباذخة في ترجمته. وقد اعتبر الدكتور مصطفى الغرافي، وهو شاعر وأكاديمي مغربي أن هذه الأنطولوجيا التي شارك فيها بنص شعري موسوم ب "عصافير الليل" "تمثل مظهرا من مظاهر التواصل الحضاري والإنساني بين الضفتين يتيح التعارف على تجارب مجموعة منشعراء ينحدرون من ثقافات مختلفة. وهو ما شكل بالنسبة إلي فرصة مناسبة للتعرف على إنتاج وتجارب إبداعية لبعض الشعراء يكتبون بلغة موليير. ولست أشك ان هذا العمل سيسهم في لتحقيق تلاقح حضاري وثقافي غني وثري. فأنا أؤمن شخصيا بأن الشاعر الحقيقي لا يكتب لشعب أو زمن بعينه ولكنه يكتب للإنسانحيثما كان والترجمة تمكن من تحقيق هذه الغاية بكثير من النجاعة والفاعلية" وتأتي هذه الأنطولوجيا الشعرية المترجمة الجادة، ضمن حركةترجمة جادة أخرى لشعراء وأكاديميين مغاربة ذهبوا على نفس المنوال، والذين جعلوا الشعر المفتوح على كل ماهو شعري، خريطة للتعريف بالأعمال الشعرية المغربية داخل المغرب وخارجه، سواء باللغة العربية أو الأمازيغية، أو اللغة الغربية، من قبيل كتاب «أنطولوجيا الشعر المغربي الحديث من الإستقلال إلى اليوم» للشاعر عبد اللطيف اللعبي، أو أنطولوجيا الشعر المغربي المعاصر التي أنجزها بيت الشعر الفلسطيني، أوالأنطولولجيا التي أصدرها الباحث المغربي محمد اللعبي، وخصصها للترجمة الى الإسبانية، لشعراء كتبوا عن مدينة العرائش المغربية، وأيضا الأنطولولجيات المفتوحة على العالم بشكل أوسع، مثل أنطولولجيا الشعر الإفريقي،التي أعدتها جامعة أوليف هارفيه بولاية تشيكاغو الأمريكية، والتي عمل على إعدادها الناقد والباحث الأمريكي في مجال الشعر و الأدب بجامعة نورث وسترن بإيفانستون الأمريكية، الدكتور ديكيه أوكورو، فترجم الجزء المغربي، فشارك فيها من المغاربة، عبدالكريم الطبال، و محمد سعيد الريحاني، وعبد السلام مصباح، وأنس الفيلالي، وأسمهان الزعيم. وجدير بالذكر أن نصر الدين بوشقيف الذي أعد وترجم الأنطولولجيا الأخيرة الخاصة بالشعراء الفرنسيين والمغاربة ، هو شاعر وكاتب ومسرحي وفنان تشكيلي مغربي، من مواليد سنة 1956 بوجدة المغربية، صدر له مجموعة من الأعمال الشعرية، منها: أنشودة لإمرأة منسية، ومعنى وجوهر الريح، وإمبارطورية غربية... كما أن له العديد من المسرحيات، منها: وردة، واليد المحطمة... وقد سبق له أن أسس أصدر مجلة Polyglotte من سنة 1993، إلى 2003. وقبلها أسس دار النشر التي تحمل نفس الإسم شنة 1993. * كاتب وقاص مغربي