اشهد انا ، ان اهل جبال الريف مغاربة افاضل ، تطبعهم الجدية في العمل و يميزهم الاخلاص في الدين ، وللوطن والناس ، وتملاهم الشهامة في السلوك والغيرة على الاعراض والشرف.. كما اشهد انهم اذكياء و عمليون ، ولا يخافون في الله و الوطن و في العز لومة احد، بل يقدمون بحكمة على مواجهة كل من يحاول المس برموزهم في الدين والبلد والعرض. واشهد انهم يصبرون على الجوع والعطش وكل شروط شظف العيش ( جوعي في كرشي وعنايتي في راسي ) كما يقال..على ان يتخلوا عن قيمهم النبيلة و عن مبادئهم الراسخة. واشهد ان ارضهم التي درست بها في الناضور وزرتها منه الى باقي المدن والقرى من وجدة الى الحسيمة وغيرهما منذ سنوات وبعدها تلتها ، حباها الله من كل خيراته في الطبيعة، في الجبال والهضاب وفي الشواطئ... ويعيش اغلبهم على ما يأتيهم من افراد اسرهم في الخارج من مال و على ما تدره عليهم بعض التجارة مع مليلية و سبتة ...وعلى الزراعة في السفوح وعلى العمل مع المزارعين الكبار للمخدرات.. اما من غير ما سبق فما من مظاهر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية موجود بالشكل المشرف او على الاقل الضروري لحياة بشر في زمن القرن 21م. فالريف شبه مهمل الا من تواجد ممثلي الدولة فيه و من مرافق تسيير الادارة الترابية و الجماعات ، فالبنية التحتية ضعيفة جدا و مهملة في كل اتجاه ومجال ومكان ان لم اقل منعدمة في كثير من المناطق ، والمرافق الاساسية العامة والخاصة من الصعب ان تجدها الا في بعض المراكز لكنها لا تغني من فقر ولا تعلم من جهل ولا تشفي من مرض ولا ولا... باختصار شديد اعتز باهل الريف لأنني عرفتهم عن كثب في قريتي بساحل العرائش وفي داخلية ثانوية محمد بن عبدالله بهذه المدينة التي كان بعض ابنائهم يوجهون اليها للدراسة من الناضور والحسيمة في بداية السبعينيات ... وفي الجامعة حيث درست جنبا الى جنب مع بعضهم، ومنها تخرج الكثير في مختلف شعب الدراسة من الادب والاجتماع والتاريخ والجغرافية الى الفلسفة والقانون والطب...ممن لا زلت اتذكرهم بخير واحترام و اقدر مستواهم العالي في الفهم والعلم والاخلاق وفي الوطنية الحقة. وعرفت اهل الريف عندما اشتغلت في الناضور، مجتهدين متنافسين جادين ومخلصين وذوي اخلاق عالية وحرص على القيم ، سواء كزملاء في العمل منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر او تلاميذ في القسم الذين صار منهم اطباء واساتذة ومحامون ورجال ادارة واعمال، او مواطنين في المدينة الذين عرفتهم يتميزون بالكرم وبحب العمل ، ويكرهون الكسل والاستجداء والفراغ ..انهم رجال وابناء رجال ومغاربة ونعم بهم من مغاربة لم اسمع قط منهم ما يوحي بأية نزعة عنصرية او ميل الى الانفصال و لو على سبيل اللغو،رغم تجاهل الحكومات المتعاقبة لكثير من حاجياتهم الاساسية في الحياة، مما كان يدفعهم كما دفعني بدوري الى البحث عن تلك الحاجيات في الجهة الاخرى حيث مليلية سواء من اجل العلاج او من اجل الترفيه! اشهد بهذا وبأكثر من هذا في النبل والعطاء والحياء في هذه الجهة من المغرب واشهد بان الريف لم ينل حقه في الاقتصاد والادارة وفي الشأن الاجتماعي والثقافي كما كان مطلوبا منذ الاستقلال وذلك كغيره من الجهات في هذا الوطن حيث الفقر والجهل والظلم والحكرة والاستغلال والمرض والموت البطيء...لتفادي القلاقل والفتن وكل انواع التذمر وكل الاشكال التي من شانها المس بأمن واستقرار هذا الوطن العزيز الذي هو للجميع وفي حاجة الى كل ابنائه من امازيغ و عرب و غيرهما من الاصول التي انصهرت في بوثقة واحدة عبر التاريخ صار يجمعها اسم شعب المغرب. فإلى متى ؟ و لماذا؟ و من المستفيد؟ اليس اهل الريف وغيرهم على حق؟ الا يحق للمغاربة المحرومين من كثير من حقوقهم الطبيعية و الاساسية والتي يضمنها لهم الدستور الذي توافق عليه الملك والشعب في يونيو 2011 من المطالبة بها ، والله كرم عباده من بني ادم بها على ارضه قبله ، المطالبة بحقوقهم في وطنهم ؟ الا تريدون ؟ الا تخافون من ربكم و الموت واحد ؟ وهو خير الماكرين سبحانه الذي لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ..