بقلم القاص مصطفى سكم كان علي أن أراك فيه وجها قمحيا يداعب موجه، بيديك تقطفين أنوار بدره ترين بها وجهي الملفوف بالضباب وهو يبحث عن ملامحه فيك البحر تعرى من زرقته بعد أن هجرته السماء ظلت أمواجه تنتحب في صمت رغم صهيلها في وجه فراغ الكون فضلت الانتحار قالوا ! وأنا الشاهد على ظلم المسافات الفاصلة بين الموت والحياة ، حين مررت من خم إبرة صوب اللاتناهي ووجدت جمركيا في انتظاري يطالبني بجواز المرور وثائقي المبللة اضاعت كل البيانات، تحولت لوحات رورشاخية سألني عنك عن وجهك القمحي وعدت تراني لمن سأعود وحين عدت حدثني الأزرق كيف سكنك الأرق ولم يتدفق الأثير بوحا كيف يظل الرجاء معلقا على نجمة السبيل المعتم لا أفق هناك يُرى لا يابسة تطأ عليها الروح شرق يأبى تودد الغرب غرب الشرق غريب في ذات الوجه القمحي وأنا هنا أعد حبات الرمل في افتراضات الجنون " تحبني، لا تحبني تحبني، لا تحبني .... يستمر العد يقذفني الأزرق بمزيد من حبات الرمل وجهك القمحي يمارس شغبه على الأزرق، يداعب الموج ، يشكله أيقونات ، تغار منها نجوم السماء هل ينضب يوما ماء البحر ؟ قالت . أتعرى من ذاتي، أدوب في صدفة مهجورة في البيداء، ولا صياد يأويني ، ولا نورس يهيم بي في منتجع العمر قلت: وكيف ينضب الماء وأنت عينه؟ منك تدفقت العيون حيوات للعالمين وجهك القمحي يترنح على الماء، يكتب قصيدة الشمس هواء لحياة تتنفسه ولأفروديت تبغي الماء وشما لجمالها البهيمي وجهك القمحي يعانق السماء ، يطل على ملائكة التيه، راحت ترنو لقمم جبال تعلوها، تعيد التساؤل عن طبيعة الدنيا، العالم، الكون... تتعدد المفاهيم ، تحتار وتتحير أمام شساعة الماء ورحابة الروح...يجيبها وجهك القمحي وقد غسلته أمطار الصيف العابرة وأصبغت عليه بريقا حزينا : لا تنسي وظيفتك الميتافيزيقية وتشغيل هواتفك النقالة توقظ الأفئدة في الهزيع الأخير من الليل رحمة بالوجوه السمراء المتعبة بندوب العبودية وما تبقى من شظايا آدمية امتطت الموج محلقة في سماء الموت نحو الحياة الفردوسية وجنة الخلد الموعودة ، قد تصدق نبوءتك حين أسرت لطاليس أن أصل الكون ماء يتنفس ، يحلق، يبكي، يفرح، يتزاوج، يتشكل، لكنه لايموت ، شح الماء يا ملائكة التيه وصفوف الكون في ازدحام أمام سفارات كندا طلبا للهجرة صوبه تتدفق عيون النفط وتنضب عيون الماء فمن يطفئ نيرانه الملتهبة أنت عطش الماء حين يتدفق على القلوب العطشى وتتحول دموعا تروي التراب ثمارا للأغيار ، تحن الفؤوس، تتضوع المعاول ألما ولا يرق قلب سيد الكون، وحدها قهقهاته في العتمة مرايا حضوره الثقيل وجهك القمحي يجالسني في انتظاري الطويل على باب البحر، أترقب مركبا أو بقايا من سفينة نوح لعلني أجدني فيه وأستعيد روحي المنفلتة مني في رحلة العطش السرمدي مند أن قضمتني التفاحة بشراهة الرغبة ورهبة الأفعى أعرف أني أنا غيري، روحي من الغير استقرت في خلاياي، أعتقدني سمكة، دلفين بحر، صدفة، كنت غير ما أنا عليه الآن، بهويات مركبة متعددة ومتناقضة، هكذا تخبرني أحاسيسي ، صور ذاكرتي المسترجعة، أحلام ليالي الطويلة، روائح العطر التي تأسرني في أمكنة غريبة أشعر أني ارتدتها في أزمنة غابرة ، هواجسي ورهابي الجواني، الوجوه التي ألتقيها في مقصورات ، الأحاديث التي خضتها، النظرات التي أسرتني للأبد، لطخات الوحم على جسدي...أجبني أيها الوجه القمحي من أكون ؟ من غبار أي كوكب صنعت وأي روح لبستني، أنا الجسد لباس الأرواح في تناوب حلولها؟ أنا الحي الميت والميت المبعوث؟ تراني سأعود من حيث أتت روحي أم أنحل في جسد آخر يأويني، يكون هو أنا وأنا لست هو ، في أي اتجاه ستلقيني لعبة نرد الريح البحري من جديد مع دورة الخلق الأبدية؟ كيف تتركني أيها الوجه القمحي في حفر ماء الزمن أكتفي بنظرات الأفق المتخيلة في عينيك تبعدني عنك، تقدف بي حيث نبض القلب يمارس رقيته الشرعية لعله يضبط إيقاعه على إكراهات زمن فيزيائي أصابه داء الزهايمر وهام على وجهه غريبا مع غرباء يتسكعون وراء معنى فصامي ، كل المعاني منفصمة ، قلقة، انطوائية ، منفعلة، غريبة ، انفصاميون تائهون وراء عبث المعنى المخدوم بحدقة الصنم الملتحي يعبئ عاهرات العالمين العلوي والسفلي ضد إبداع عن العهارة لتستمر في واقعيتها السرطانية ولتحيى العهارة السياسية وهي تحيك نقابا للوطن آه أيها الوجه القمحي انفصاميون نحن في الحب والسياسة