الفساد مصطلح يشير بشكل عام الى حالات انتهاك مبدأ النزاهة..إن الفساد ضد الصلاح و في اللغة له معان عدة كالتلف و العطب و الاضطراب و الخلل و الجدب و القحط و الحاق الضرر بالحرث و النسل و اللهو و اللعب و الفسق و الانحلال و اخذ المال ظلما. و الفساد له تصنيفات عدة كالفساد المالي و الاداري و السياسي و الاخلاقي و كذلك يندرج تحت كل صنف من انواع الفساد بعض الافعال التي تنتهك مبدأ النزاهة كالرشوة و الابتزاز و الاختلاس والمحسوبية و التزوير و التدليس و سوء استخدام السلطة و التكسب الشخصي و ممارسة النفوذ و محاباة الاقارب و المقربين و الاتجار بالمخدرات و المسكرات و تعاطيها و غسل الاموال و الاموال المشبوهة في الانتخابات و الكذب و السرقة و مخالفة القوانين و استغلال البسطاء من الشعب و لو استمرت في سرد انواع الفساد فلن تكفي عشرات الصفحات . اذن فان تكرار استخدام مصطلح الفساد على لسان السياسيين و غيرهم ما هو الا احد انواع الفساد بحد ذاته.لمذا لا نسمي الافعال و الاشياء بمسمياتها و الفاسدين باسمائهم بدلا من تمييع الامور بطريقة لا يفهم منها سوى اننا شركاء فيما آلت إليه الامور من ترد و فوضى و تفشي كل انواع الفساد المدكورة سابقا لانها مجرد كلمة عائمة؟ فلا تحديد للفساد و لا إشارة مباشرة الى فاسدين بالاسم و الفعل !.. اوجه الفساد لا حصر لها كما اسلفت و هذا يدعوني الى التساؤل :ماذا عن التسيب الوظيفي و قبض الرواتب من دون حضور لمقر العمل؟ و ماذا عن تخطي المستحق بالتعيينات و الترقيات ؟ و ماذا عن هدر الاموال في مشاريع وهمية في الداخل و الخارج؟ اليس في ذلك هدم للمقومات الاساسية للمجتمع المغربي المنصوص عليها في الدستور و تقويض لمبادئ العدالة و المساوات من المواطنين؟ و يعد الفساد المشكلة الاكبر التي قوضت و اضعفت قدرة الدولة على تحقيق تنمية و تقدم قطاعات الاقتصاد و المجتمع في المغرب خلال العقود الاربعة الاخيرة و هو احد اهم اسباب الفقر و هو كذلك السبب الرئيسي في تزايد عجز الموازنة و في تضخم و تفاقم الدين العام الداخلي و الخارجي و في اوضاع المناخ و البيئة الطاردة للاستثمار و في هدر و تبديد اصول و ممتلكات و موارد الدولة و المجتمع هذا فضلا عن كونه السبب الرئيسي في تراجع و انهيار خدمات الحكومة و في غياب العدالة الاجتماعية و اتساع الهوة بين الطبقات الغنية و الفقيرة . المغرب يعاني فساد تزاوج السلطة مع الثروة و اقتناص و اختطاف سلطات الدولة و مواقعها الوظيفية العليا لمصلحة نخبة محدودة سيطرت على الجهازين التنفيذي و التشريعي من خلال احزاب انتهازية تخلت عن المبادئ فتمكنت تلك النخبة من اختطاف و توجيه سياسات الدولة و مؤسساتها بل و جهازها المصرفي و قطاعاتها الغنية بالموارد متل الصيد البحري و قطاع الفلاحة و الاسكان و عمليات و برامج التنمية المختلفة التي قامت بها لمصلحتها تحت مقولة مغلوطة و هي ان تنمية القدرات الاقتصادية لهذه النخبة ستتساقط ثماره و تستفيد منه الطبقات الادنى. و قد تبنت هذه المقولة المؤسسات المالية الدولية لسنوات طويلة و لم تتبت صحتها في البلدان النامية التي اخذت بها و منها المغرب بل انها فاقمت اوضاع الفقر و عدم الاستقرار فيها.