هذا الصرح العمراني الرائع عمره أزيد من 300 سنة، بناه السلطان العلوي مولاي إسماعيل ليكون قصره و مقر إقامته، بعد تحريره لثغر العرائش من يد الاحتلال الإسباني في 18 محرم 1101ه الموافق ل فاتح نونبر 1689م، حيث أصبحت العرائش تحظى برعاية رسمية و غدت من بين المدن المحورية التي يقيم فيها السلطان، بل و اختارها المولى إسماعيل لتكون المرسى العسكري لدولته بدل طنجة التي خربها الإنجليز قبل مغادرتهم لها عام 1684م، و هو الدور الذي ستحافظ عليه مدينة العرائش إلى غاية القرن 19م، حيث نعثت العرائش بمرسى فاس أو مرسى العاصمة. ثم عاد الإسبان مرة أخرى لاحتلال العرائش في القرن الماضي سنة 1911، ليجعلوا من دار المخزن و هي التسمية التي عرف بها بعد أن كان معروفا بقصر مولاي إسماعيل، مقرا للقيادة العليا للجيش الإسباني فأصبحت تعرف ب " كوماندانسيا comandancia ".. و معناها " قصر الحاكم ".
تشكل البناية علامة عمرانية هي الأبرز و الأجمل داخل النسيج العمراني المحلي، ذلك لأنها أولا تحمل بصمات مدارس مختلفة في الهندسة و التشييد و أساليب التنقيش و التزيين، حيث تعاقبت عليه أنامل أمازيغية و عربية و موريسكية و إسبانية، ثانيا لأهميتها و دورها المخزني و الإداري و الثقافي عبر حقب عمرها، ثالثا لموقعها و هيبة المكان المحيط بها بحي القصبة العريق و حصن النصر العظيم و برج اليهودي و الساحة ذات الشرفة البانورامية المطلة على المحيط الأطلسي و وادي اللوكوس و مرسى العرائش و مدينة ليكسوس و سهول الهبط الخضراء.. أما رابعا فلأنها حافظت على كامل رونقها بفعل الصيانة المتجددة و الاهتمام الذي شغلته لحسن حظها و حظنا و حظ التراث الإنساني. إن سحر شكلها و زخرفها الخارجي يوازيه من الداخل فن و رونق و عبقرية الصانع التقليدي المغربي مما يجعلها ذرة المباني التاريخية بمدينة العرائش بامتياز، و كيان حقيقي واقعي من خيال السندباد أو علي بابا أو باقي أساطير ألف ليلة و ليلة.. يذكر أن البناية صنفت كمعلمة تاريخية ضمن قائمة التراث الوطني مستفيدة من القانون 22/80، و هي اليوم تشغل مقرا للمركز الثقافي الإقليمي، إضافة إلى المعهد الموسيقي، و مكتبة وادي المخازن العمومية.