ولدت على أرض اجدادي ابي وأمي تربية في أحضان بيت بمدينة تسمى "تطوان" علمت أن لي وطنا واحدا اسمه المغرب ؛ نشأت في أسرة آل (القندوسي /احرشيون) وآل (الميل) ، تعلمت الكثير والكثير وعلموني كيف أن أحب وطني . وأنا في سن 5 سنوات أي في الطفولة أتحدث عن بداية معاناتي مع وطني ؛ هذه حقيقة لا بالخيال ؟ أحمد الله على كل شيء قبل أي حال ، كانت قصتي مع المستشفيات الحكومية والأخرى الخاصة ، كانت زيارتي لهم كل سنة مرة من عمري إلا وقمت بزيارتها وكأن لي تقاليد وعادات سنوية .... والسبب يعود إلى حالة من حالات ( مرض ) في العين اليسرى للوجه ، ... من هنا تبدأ الحكايات : أتعتقد يا وطني أني نسيت الماضي ؛ وهل باعتمادك اني سانسى الصغر والتصرفات الغير مرغوب فيها من دكاترة وممرضات ، من وإلى حتى ذلك الشخص في قسم الإنعاش . ولا أنسى صاحب صندق المال، الذي كان في كل زيارة تسير اليه فيها إلا وله نصيب فيها . أتعتقد يا وطني أني نسيت اسمك ؟ أتدري أن لي ذكريات جميلة عن الطفولة المبكرة مع اني لم أ عمر في أرضي اجدادي إلا سنوات ، أتذكر كل عام وانا أزور المستشفيات ، وأتذكر ذلك المستشفى في عاصمة الرباط (ابن سينا) .معروف باسمه (بن سيناء) و العاصمة هي به تتباهى ، أتذكر بعض الأفعال للممرضات، أما الدكاترة فذكرياتهم تتعلق بالمبالغ المالية التي يريدونها أن تكون في ( جيبهم). ذكريات الطفولة المبكرة هي التي جعلتني اهاجر وطني رغم أني كنت أود العيش فيه وأكره الفراق ، أيعقل أن المريض يعاني المرض وما له إلا أن يبحث عن الطبيب المعالج له ، حتى تجد أن الطبيب ما يريد هو غير (مستقبل له ولعائلته .... منزل ، سيارة،، مشروع) . الحقيقة التي عشتها في وطني ، لا معاملة إنسانية ولا معاملة ( ....) رأيي فيك سوى أناس من طبقة رقيقة عالية الجودة وأخرى من طبقة فقيرة لا مكان لها ولو حتى حين . فكل زيارة للطبيب إلا وأبي وعائلتي إلى جانبي ؟ قبل أي تحرك داخل المستشفى أو أي لمس أو فحص للدكتور ما عليك إلا أن تؤدي مصاريف دخولك لها ... ثم تبدأ الرواية صاحبها الطبيب المعالج وممثلوها الممرضون ومن في ( مربع) المستشفى . فكل وله أفكاره وكل وله تصرفاته ، أحياناً يمكن ان تلتقي بدكتور يعرف قيمة العمل الذي هو فيه وكذلك لا ننسى من معه ، غير أن نسبة أولائك الذين لا إنسانية لهم ولا هم بعملهم قائمين به ، هم الأكثر نشاطاً على الخريطة الزمنية يسيرون . مجرد حلقة من حلقات المستشفيات . أتذكر أول (راديو غرافيه) (سكانير) وانا في 6 من عمري ، قيل لنا أنه يجب أن يقوم الطفل بالعملية الجراحية التي يمكن أن يكون لها االنجاح،ذ لك الطفل لاعلم له ولا أحلام له ، سوى أنه يسير في طريق الأب .... كم أنا فخور بك يا أبي وكم انا فخور بك يا أمي وكم انا فخور بكم يا اخوتي ، لأنكم لا ذنب لكم ، بل العكس هم الذين تواجدوا في (وطني) غيره لم يجد منه شيئا . وأنا في الطريق إلا اول (راديو غرافيه) وعند دخولنا للقاعة ، هناك كانت المفاجأة ... قيل لأبي ؟ أين النقود ؟ وقال أبي ؟ ها هي قم بحسابها .؟ قام الشخص الأول بحساب المال ومقداره في ذلك الوقت أزيد من نصف مليون درهم . وأنا طفل استغربت لهذا ؟ فقام أبي بامضاء على الورقة ... دخلت وخرجت في آن واحد ، وبعدها تم اخباري بأني سأعمل عملية وهي الأولى في حياتي ، وما زال الطفل في 6 من عمره ، ذهبنا إلى الدكتور الذي زعم بأنه اختصاصيا في هذه الحالة . فكانت اختصاصاته جلب ما يقارب 3 مليون سنتيم إلى صندوقه هو ومن معه ... وتكرر مسلسل الطفل 3 مرات حتى أصبح في سن المراهقة استمر الحال على ماهو عليه ... ما كان له إلا أن يبحث عن وجهة أخرى حيث البحث عن أناس يعرفون معنى الإنسانية الحقيقة ... وتم ذلك برضى الله ورضى الوالدين ... لست بحاجة إلى الهجرة ولم أكن يوما أنوي بها ... غير أن الظروف التي جعلتني اهاجرك يا وطني ! وهذه المرة ليست تلك الظروف التي نسمعها عن المهاجرين لأن مسؤولين عنك يريدون تلميع الهجرة بالحياة المعيشية ، وهذا أمر صعب جدا لأننا لو أردنا أن نقوم بتسجيل مسلسل يتعلق بقضايا المجتمع المدني المغربي ، فوالله ستكون هناك حلقات مثلها مثل مسلسل (واد الذئاب) المعروف عنه بألف حلقة وحلقة . هاجرت وتركت الجميع يتساءل عن هجرتي ، وأنا الوحيد الذي يستطيع أن يعبر عن تلك الهجرة. لم اعمرك كثيراً سوى 16 سنة من العمر يا وطني ولكني اعترف بأن لي وطنا رغم أنه لم يكن لنا الحظ في أن نعيش على الواقع الذي هو مراحل عديدة ، لأن كل واقع وله حكايات الدنيا غير أني عشت واقعا وحيدا، وهو الطفولة التي كانت لها رويات أخرى منها لعب وقراءة وأخرى مشاكل ومصادفات . منذ صغري وانا ادرس كيفية التعامل مع الآخرين ، حيث كل طفل وله معاملة وكل طفل بمعاملة الآخرين له يتعلم . هناك اطفال مشاغبون منذ الصغر والآخرون طيبون منذ ولادتهم أما من هم ولو بالعبارات الأخرى ( سيئون) وكأنهم لا منزل لهم ولا عائلة لهم . غير أن هذا الأخيرة هي المسؤولة عن تلك التربية ، وهذا مسلسل آخر من مسلسلات الوطن ... ذكرياتي مع وطني مثلها مثل صاحب الشركة يعمل طيلة السنة وفي آخر العام يريد أن يقوم بالحسابات وكيف له أن يفكر في طريقة عمل أخرى . ثلاثة عمليات جراحية هي التي تجعلني أتذكر تلك الفترة (الطفولة) وعندما أصبحت أب أسرة تراودني كثيراً تلك القصة . كل عملية جراحية إلا وعليك تأدية (مال) من أجل العلاج ، هنا تبدأ القصة الحقيقية التي أريد أن أكون طرفا في .... تخيلك يا وطني وأن هناك أناسا لا حول ولا قوة إلا بالله ، لاقدرة لهم ولا هم قادرون ... أوجهكم هذا وانتم تعلمتم دراسة الطب والصحة والعلوم الإنسانية والاجتماعية ؟أ وجهكم هذا الذي يريد أن يكسب المال ويعمل على تحسين وضعيته المعيشية على حساب الشعب الذي لا حول ولا قوة إلا بالله ...؟ ألستم من أصحاب القرار ، ألستم انتم من تعلمتم أن الطبيب المعالج هو دواء قبل الدواء وان كان ذاك الدواء بثمن فكونوا انتم بلا ثمن ... ؟ . كيف لي أن لا افتخر بالوطن الثاني ؟ أعيش رغم الصعوبات أعيش في عالم غريب رغم أني لم أعد غريبا ، أعيش في أرض الواقع ؛ تلك الأرض التي أعطتني الكثير والكثير ما لم تقدر أرض اجدادي أن تمنحه لي ... كل وقت أذهب فيه إلى المستشفى إلا وابدأ باسترجاع ذكريات الطفولة ( ) . معاملات إنسانية ، تشخيص المرض قبل الخروج ، التوعية ،احساسك بالعافية رغم مرضك ، أسلوب جديد هو الذي لم أره في وطني (الام) . ثلاثة عمليات تساوي " الملايين" عملية واحدة بدون أي ثمن ... كل ستة أشهر إلا ولي زيارة خاصة " بدون أي ثمن تحسن في الحالة الصحية والاطمئنان النفسي من أهم العوامل المؤثرة التي أعيشها في وطني الثاني . تدخل إلى المستشفى والكل يرحب بك ... تخرج منها وانت تبتسم ... وجيبك لم يحس بأي تغير بدون ثمن. أين هو ثمن الوطنية يا من تنادون بالوطنية وانتم على جيوبكم وجيوب أولادكم تفكرون ... ؟ رغم ذلك كم انت غالي يا وطني (المغرب) يوما ما ستعلم لماذا هاجروك ، يوما ما ستحس أن لك مهاجرين يريدون منك سوى ... تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية . وهذا الأخير (السياسة) هو سبب تعاستنا وتهميش الفئة الصغرى (الفقيرة ؛ البسيطة) حيث أنه لا يفكر إلا في نفسه ؟ وحب النفس يؤدي إلى خسارة الجميع . تحياتي لكم جميعا لهذا السبب هاجرتك يا أمي .