المختار العروسي -طنجة تضع قدميك في إحدى أحيائها الشعبية، كأنك تريد أن تترك لنفسك فرصة الاحتفاء بها، الإحتفاء بجماليتها و عاداتها و تقاليدها التي عرفت عبر العالم، هي بوابة افريقيا عروس الشمال، المدينة التي استقبلت حضارات و ثقافات و عادات، دفعت ساكنتها تبدع و تنفتح، لتنتج منتوجات أصبحت تشتهر بها عبر العالم. فمما لا شك فيه لا يمكن لأحد ان يتحدث عن طنجيس أو طنجى أو طنجة، دون التحدث عن أكلة “كالينطي” التي اشتهرت بها المدينة، بل لا يمكن لأحد أن يلج لهذه المدينة دون أن يجد نفسه مضطر لأخد الصف من أجل الأكل منها. كالينطي و الأصل في التسمية. ال”كالينطي”، تسمية إسبانية تعني ساخن، وأصبحت تطلق على هذه الأكلة الشعبية، بحكم أن من يبيعها كان يردد عبارة ”السخون كالينطي السخون”، وهي دلالة أنها أكلة ساخنة دائما، يثم الإقبال عليها على طول السنة و بشكل كثيف. اليهود و الكالينطي. وهي أكلة أدخلها إلى طنجة يهود أوروبا ممن فروا من بطش هتلر، الذين اختاروا الاستقرار بمدينة منذ بدايات القرن الماضي، ونقلوا معهم هذه الأكلة التي تعلمها منهم الإسبان وصاروا يبيعونها في الدكاكين وعلى العربات الخشبية، إبان أيام الإستعمار لتصبح أكلة شهيرة بطنجة، يتم إعدادها أساسا من دقيق الحمص، بعد مزجه بالزيت والماء.
الكالينطي و تحقيق لشعبية كبيرة. هذه الأكلة، حققت ما لم يحققه السياسيون و حقوقين، حققت شعبية كبيرة، و حبا لافتا من طرف كل من داقهان، فهي إذن تحضى بشعبية كبيرة في أوساط ساكني طنجة، بفضل لذة طعمها من جهة، وتكلفتها الرخيصة من جهة ثانية، فثمن الشطيرة (القطعة ) الواحدة منها لا يتعدى درهما واحدا ، في الوقت الذي لا يفوق ثمن كعكة الكالينطي او كما يحلو للطنجيين مناداتها بلاطا ديال الكالينطي 15 درهم. الكالينطي و الأفران التقليدية. و انت داخل أحد محلات الأفران التلقليدية في حي المصلى الشعبي بطنجة، ينهمك "خاي احمد" في إحضار الكالينطي و السهر على طبخه، ووضع اللمسات الأخيرة لتحضير الكمية التي سيعرضها الكبيرة للبيع. فخاي أحمد بعد ما يقوم بجلب الكمية المطلوبة من طحينة الحمص، يسهر على تفريغه بشكل دقيق في إناء بلاستيكي، ثم يضاف إليه كوب ماء، وكوب زيت، ثم خلطه بقليل من الملح، ليتحول إلى سائل لزج، بعد ذلك يتم تفريغه في إناء دائري من الألمنيوم، قبل أن يوضع في الفرن لبضع دقائق، يتحول بعدها إلى فطيرة دائرية. خاي أحمد يقول ل"العرائش أنفو" امتهن هذه المهنة أي بيع "كالينطي" لمدة تفوق 35 سنة ، لأن هذا النوع من التجارة يدير علي ارباحا هامة مكنتني من فتح أسرة و من تربية أولادي و اقتناء منزل لهم يحميهم من غدر الزمن. عمي العياشي، قيدوم باعة الكالينطي بالمدينة العتيقة، حتى يحافظ على احترام زنائه لا يترك أي شيء للصدفة، فهو يذهب بنفسه إلى السوق لجلب أهم أنواع الحمص، ثم يذهب لمنزله، ليقوم بتنقيته و غسله و تجفيفه و تحميصه ثم طحنه و غربلته لاستخراج دقيق ناعم منه، ثم يقوم بوضع الكمية المطلوبة في اناء بلاستيكي، مع قليل من الماء و الزيت و البيض البلدي، بعدها يصبه في إناء من ألومنيوم، حيث يضيف لهذه الوجبة بعض الأعشاب الخفيفة من ثم يطرحها في الفرن لتكون جاهزة للبيع. و لعل ما يبهرك فعمي العياشي، هو أنه ملم بكل المعلومات التاريخية حول هذه الوجبة، حيث اكد لشمال بوست، أن يهود أروبا خصوصا اسبانيا و بولونيا هم من قاموا بإدخال هذه الأكلة لطنجة. العياشي ، أكد أيضا لعرائش افنو أنه من الأوائل الذين أقدموا على بيع الكالينطي بطنجة لمدة تفوق 45 سنة و أنه من الأوائل من قاموا ببيع الكالينطي بالخبز بمدينة البوغاز. الطفل أدام، أكد لعرائش أنفو حبه و عشقه لهذه الأكلة، فلا يمكن أن يمر يوم واحد دون أن يأكل كالينطي جواد، حيث يقول ادم منذ صغري و أنا أجد هذه الأكلة بمنزلنا، حيث دائما يقوم والدي بجلبه لنا، لأجد نفسي مدمنا على كالينطي.