العرائش أنفو مغلوب على أمره، بل لتغذية أوهام الهيمنة وزرع كيان وهمي على تراب مغربي صرف. لقد رأينا كيف اشترت الجزائر، دون خجل، ذمم بعض صانعي القرار الأمريكيين في لحظات فارقة: من كريستوفر روس، الذي تحول من وسيط إلى خصم، إلى جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، الذي اختار موقع الهجوم على المغرب بدل الحياد، من خلال مقالات مدفوعة الثمن في كبريات الصحف الأمريكية، في محاولة يائسة لنسف اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء سنة 2020. والقصة لا تتوقف هنا، فقد سبقتها سنوات من "شراء الولاءات" عبر تمويل مؤسسة جيمس بيكر، واستمالة كيري كينيدي ومؤسستها الحقوقية، والإنفاق السنوي السخي على شركات الضغط داخل الكونغرس الأمريكي. إنها شبكة معقدة من العلاقات المأجورة والمواقف المؤدلجة، يغذيها البترودولار، وتغلفها شعارات "تقرير المصير"، بينما الهدف الحقيقي هو إدامة النزاع وتحويل المنطقة إلى بؤرة توتر دائم. في هذا السياق، يبرز اسم "ريتشارد نورلاند بولوس"، المبعوث الأمريكي الحالي، بتصريحات غير مبشرة أدلى بها لقناة "العربية"، حين دعا إلى "حل يرضي الطرفين"، واضعًا المعتدي والمعتدى عليه على قدم المساواة، في سلوك لا يليق بدبلوماسية عارفة بالتاريخ والجغرافيا والشرعية الدولية. إن المغرب لم يعتدِ على أحد، بل دافع عن أراضيه، واستعاد صحراءه بطريقة سلمية ومشروعة، وهو لا يحتاج إلى دروس في ضبط النفس ولا في احترام القانون الدولي. المطلوب اليوم ليس مساواة ضحايا الإرهاب الانفصالي مع من يصدره، بل تحميل الجزائر كامل المسؤولية، ومطالبتها علنًا بفك الارتباط مع مليشيات البوليساريو، وتفكيك معسكرات العار في تندوف، وإعادة الاعتبار لحقوق الصحراويين المختطفين، بدل تقديم "حلول وسط" تعطي للعدوان فرصة جديدة. إن سفينة الجزائر تغرق، نظامها ينهار من الداخل، واقتصادها يئن، وشرعيتها تتآكل.. وأي محاولة لإنقاذه عبر طوق "نزاع الصحراء" إنما هي خيانة للحقيقة وخدمة لأجندات تجاوزها الزمن. على المغرب أن يظل صامدًا، حازمًا، لا يتعامل مع وساطات مشبوهة بسذاجة، ولا يسمح بالتفريط في شبر من أرضه، فالقضية اليوم ليست فقط قضية صحراء، بل قضية كرامة، وسيادة، وبقاء. بقلم الحسين شهراوي رئيس المكتب الجهوي للمنظمة الدولية للدبلوماسية الموازية و الاعلام و التسامح