القصر الكبير : مصطفى منيغ من عقدَيْن ونيف انقرض أو في الطريق إلى ذلك زمان العفَّة والحشمة والحياء في هذه الربوع التطوانية المٌشبعة كانت بالقيم الإسلامية السَّمحَة ، لتغدو مقاماً اختارها الشيطان لتصبح تحت ضغوط نفسيات بسكاكين الخطايَا مجرُوحَة ، أينما كان الاتجاه الوصول يتم لتلك المصيدة المُباحَة ، لاستبدال الأخلاق الرفيعة بأخرَى تجلَّت مسمُوحَة ، بحكمِ القَوِيِّ على الضعفاء الفارض حداثة ضامنة له وحده الراحَة ، إذ الفساد مدخل للفسق الشاغل الوالج عالمه الرهيب المفزع عن الاهتمام بالطرُقِ النظيفة الصالحَة ، وفي ذلك لا تطاحن مع رُعاة الرذيلةِ في أماكن حسبها مًن حسبها يتيمة معزولة ليسودها بسببهم التخريب العقلي تدريجياً بنشر عاهة التهريب المُلحق بتعاطي تجارة المخدرات لتنتهي المؤامرة لمثل الوضعية الساخطة عليها الأرض والسماء وكل نَفْس طيبة لا زالت مِن عَرَقِ كَدِّها للحياة الشريفة فوقها مانحَة ، تطوان ينبوع الصفاء والنقاء وموطن الثقاة العارفين سبيل النجاة لنيل رِضَا العلي القدير الحي القيوم ذي الجلال والاكرام مالك الرحمة الفسيحَة ، بذكر أسمائه الحُسنى تتراءَى للمؤمنين كل المسدودة مهما كانت صلابة مِزْلاجها مفتوحَة ، وما أكثر أولياءها الصالحين المستحقِّين أن يظل ثراءها غير مدنَّس ببدعٍ وما يُحسَب على أفعال وتصرفات الوقاحَة . تطوان عذراء الشمال الباحثة بما أوتيَت من بلاغة الفصاحَة ، ما أهَّلها لتخاطب مهما تعاقبت المراحل حكام البلاد بتلك الصراحَة ، محتفظة في ذلك على جلال أصلها بمظهر تفاحَة ، جوهرها حضارة شذا عطورها على المنطقة برمَّتها فوَّاحَة ، كنخلة سامقة في بيداء لوحدها مكوّنة واحَة ، عرجون ثمارها على نمط ٍ من توازنٍ منصف يشمل بلحَة تلو بلحَة ، ببريق خلاصة ألوان تجلب عشاق الجمال لألطف استراحَة ، والبلبل كالكروان يزقزقان ترحيباً على نغمات أصدق فرحَة ، بأصحاب النوايا السليمة مِن أهالي تربية البارحَة ، المبنية على وصايا نساء ورجال شيَّدوا المكان ليكون مثال نبادل الود والتوقير وعُرُوَات التفاهم بالتي هي أقوم والسلام وشِيَمِ السماحَة . فأين نحن الآن من تطوان تلك ؟؟؟ نرنو لهيكلها الذي ألبسوه اسمنتاً وحديداً شوَّه مِقدارها ويتباهون أنه التطور والحقيقة عكس ذلك قد تُفَسَّر لدى المختصين المعماريين أنها فضيحة الفضيحَة ، الغرض منها تحصين الأمن لإبعاد أية ناطحة ، لحظة غلق المعابر لمرور هودج يتوسط ألف عين وعين أمام تعجب أجنبية سائحَة ، ظنَّت أنَّ مثلَ المظاهر الصاخبة طوتها كتب المتاحف المُعلن على أغلفتها صفحة ، بعبارات تختزل صفات سادة ما مشوا على أقدامهم كبشرٍ في زُقاق أو ساحة ، هياكل إسمنتية أغلقوا نوافذها واستأصلوا الشجر القريبة منها وزرعوا ما تجعل الرؤية مِن الأبعاد الأربع جد واضحَة ، و تطوان لا تتحمَّل هذا ولا تطيقه مخالفاً لهندستها وتكريساً لحرمانها من حرية الحركة على أي مساحَة ، انطلاقاً من "الفدان" المُغيَّب وعودة إليه كمدخل يربط المدينتين العتيقة بمن تركها "الاسبان" شبيهة لغرناطة فأصبحت كامرأة طيَّر الريح قفطانها التقليدي فجلست أرضاً لسوء مصيرها نائحة . ظلموها مرات عديدة فاشتكتهم للخالق مرة ليتلقوا الجزاء على شكل إحاطة ، بما ينتظرهم وقد تنبهوا إليه إذ دعوة المظلومين محسوسة لدى الظالمين مترجمة سقماً نهايته لما ارتكبوا مُبَسّطة مشروحة ، وقد جعلوا من تطوان بقرة خلال الصيف يمتصون ذرعها كل يوم ألف مرة في غفلة أنها مذبوحَة ، ومع ذلك يطالبونها بمضاعفة الصبر صاغرة طائعة منبَطحَة .(للمقال صلة)